صدمة العالم كله، وليس فقط العالمين العربي والإسلامي، بالمخطط الإرهابي الذي استهدف الحرم الشريف في شهر رمضان، تدل على أن هناك وعياً عالمياً وعربياً متزايداً بخطورة واتساع مساحة الإرهاب الذي لم يعد يوقر مكاناً مهما كان، أو بشراً أياً كان دينهم أو ملتهم.
وفي الوقت الذي تسابقت فيه بيانات الشجب والاستنكار لهذا العمل الإجرامي الخبيث، هناك بين سطور هذه البيانات ما يؤشر إلى أن «الإرهاب» في صناعته الحديثة يخرج من معامل سياسية واستخباراتية لها أهداف في الدول التي ترسل لها هذه المجموعات الإرهابية لتخرب استقرارها وتقض مضاجع أمنها، حتى لو كان هذا الأمن في أطهر وأقدس بقعة على وجه الأرض.
من هنا يمكن أن نفهم في المملكة ويفهم غيرنا في خارج المملكة لماذا أنشئ مركز دولي لمحاربة التطرّف، ولماذا تتخذ إجراءات قاسية في حق بعض الدول التي ترفض أن تستوعب دروس ومخاطر الإرهاب وتصر على رعايته وتمويله واحتضان مفكريه ومنظريه.
لقد حرف هؤلاء المنظرون الإرهابيون النصوص الدينية عن سياقاتها وأفتوا علناً، في الحضن القطري وفي محاضن أخرى، بجواز العمليات الانتحارية، وأمعنوا في اعتبار الإرهابي المنتحر شهيداً قُتِل قبل أن يَقتل، كما قال الموتور الشهير وجدي غنيم، أو كما أفتى شيخه القرضاوي باستحلال دماء الجنود المصريين!!
لقد بلغ سيل الإرهاب الزبى وتجاوز كل دين وعرف وأخلاق، بل وتجرأ على الله في حياة خلقه وأمانهم وصلاتهم في البلد الآمن والحرم الحرام. ولم يعد هناك بد من تسمية الأشياء بأسمائها، دولاً ومنظرين ومؤسسات وأفرادا. ومن أراد أن يكابر فعليه ذنبه وعاقبة أفعاله الإرهابية، سواءً أكانت في صورة رعاية أو تمويل أو كانت في صورة أفعال وتفجير. لن يسمح العالم بعد الآن للإرهاب أن يتمدد ولن يتساهل مع الدول التي توظفه لغاياتها القذرة وأهدافها الملتبسة والمتربصة.