لكل منا ذكرياته عن العيد.. سواء عندما كان طفلا، يسرح ويمرح في الحارة، التي كانت بالنسبة له البيت والأهل والوطن والأصدقاء، أم عندما أصبح شابا، يرى في العيد إجازة للنوم والكسل، في زمن لم يكن فيه لا وسائل ترفيهيه أو واجهات بحرية، أو ألعاب نارية.
كان العيد بالنسبة لي عندما كنت في المرحلة الثانوية، فرصة لتجربة حظي مع التجارة، وكانت الحارة وأطفالها هي حقل تجاربي. حينها لم يكن هناك أي مدن ألعاب، ولا أي وسيلة من وسائل الترفيه التي نعرفها اليوم. وأذكر آنذاك، أنني استأجرت لعبة خشبية دائرية ذات مقاعد صغيرة تستوعب خمسة أطفال، يدفع كل منهم «4» قروش، واتفقت مع صديق للعمل عندي حيث يقوم بدفع اللعبة لتدور مقابل قرشين لكل دوره. لقد كانت النتيجة مبهرة، حققت لي أرباحا لا بأس بها بعد أن دفعت إيجار اللعبة، ومكافأة الصديق الذي استأجرته. ولو أنني استمررت في تلك الأفكار، لربما كنت الآن منافسا للعم عبدالمحسن الحكير، وندا لنجله الصديق العزيز سامي «أبو فهد»، لكن المثل الشهير يقول. لو تجري جري الوحوش غير رزقك ما تحوش.
في «الخبر» بالتحديد كنا محظوظين جدا.. فهي مدينة رائعة، تخطف لب الجيران منذ نشأتها، وكان شباب الدمام يأتون لها لمشاهدة متاجرها والتجول في شارع الملك خالد، أكثر الشوارع شهرة إن لم يكن في المملكة بأسرها، ففي دول الخليج جميعها.
كانت الفرصة تتاح للمحظوظين منا، للدخول إلى سينما أرامكو، وتناول وجبة «التشيزبرجر» ذات الطعم الأسطوري، أو التهام قطعة كيك مما كان يعرف بـ«كيكة أرامكو».
كنا بأنفسنا نصنع الترفيه، ونخلق فرص الفرح، ونقتنع بتمديد أرجلنا في البحر الذي كانت حدوده عند شارع الأمير طلال. كانت القناعة هي سلاحنا، وكان الجيران هم عالمنا نفرح لفرحهم ونحزن لحزنهم. كل عام وأنتم بخير.