في حلقة نقاش ملتقى مغردون التي عقدت على هامش قمة الرياض في (22 مايو)، تحدث وزير الخارجية عادل الجبير عن اتهام الجانب الفرنسي للرياض بتمويل التطرف الإسلامي في فرنسا فيقول «كنا نتهم بدعم وتمويل المساجد أو المراكز الإسلامية المتطرفة لسنوات في فرنسا، وكان الرد السعودي أرنا هذه المراكز ويتم إغلاقها في اليوم التالي، لكننا ندخل في نقاش طويل مع الجانب الفرنسي دون تقديم أي دليل. والمشكلة أن هذه المغالطات وهذه الافتراضات غير المبنية على إثباتات ولا دلائل تحولت إلى حقيقة لدى الرأي العام». ويضيف الجبير «فلما خرج تقرير البرلمان الفرنسي بشأن التمويل الاجنبي للمساجد في فرنسا أثبت بالدليل أن التمويل الخليجي للمساجد والمراكز الإسلامية في فرنسا لا يمثل سوى 1% وأن معظم التمويل الخارجي يأتي من ثلاث دول رئيسية هي المغرب والجزائر وتركيا وذلك بسبب أن كثيرا من الأقليات المسلمة في فرنسا تأتي من هذه الدول الثلاث».
وبحسب التقرير المشار إليه والذي صدر في يوليو 2015 فإن حصة الأسد من تمويلات المساجد الفرنسية تأتي من تبرعات فردية من داخل فرنسا، وليس من حكومات أجنبية. ويحصي التقرير أن أكثر من 300 إمام من أصل 2500 تابعون للدول الثلاث المذكورة (تركيا والجزائر والمغرب) وليس لهيئات إسلامية فرنسية. وأوضحت السفارة السعودية في فرنسا أن المملكة مولت 8 مساجد في فرنسا بتكلفة بلغت نحو 3.7 مليون يورو ودفعت رواتب 14 إماما، بمعنى 8 مساجد من أصل 2500 مسجد أو مراكز إسلامي.
ثم يبدأ الجبير بتشخيص معضلة المجتمع الاوروبي باحتضانه المتشددين والمتطرفين والسماح لهم بنشر الفكر المتطرف بحجة حرية الرأي. يقول الجبير «نحن في السعودية لا نتسامح مطلقا مع المتطرفين فمن يخالف القانون يتم محاسبته وإبعاده وإذا كان غير سعودي يتم ترحيله، وقد تم إبعاد الآلاف منهم ممن ثبت تبنيهم للفكر المتطرف، فنقول للأوروبيين إذا كان هذا المتطرف والإرهابي مواطنا (فرنسيا أو ألمانيا) حاسبوه وامنعوه من الاحتكاك بالآخرين وبث أفكاره المتطرفة، وإذا كان غير مواطن فقوموا بترحيله». لكن لدى الأوروبيين كما يقول الجبير لا يتم ذلك. يقولون لنا هناك حرية تعبير وفي الوقت نفسه يقولون إنهم متطرفون. فيضيف الجبير «يجب على الاوروبيين الاختيار إما حرية التعبير أو التطرف أو أن يكفوا عن الشكوى».
وجاء في التقرير الذي أعده خبراء أمنيون في جهاز الشرطة الاوروبية «اليوروبول» أن «عدد الأشخاص الذين قتلوا في هجمات متطرفة في أنحاء أوروبا عام 2015، ارتفع مقارنة بالعام الذي سبق ذلك، لكن يبدو بحسب التقرير أن العام 2016 سيكون أكثر دموية». وبالتالي اعتقد ان تسارع وتيرة الأعمال الإرهابية في أوروبا منذ مطلع عام 2015، وتزايد عدد الضحايا في كافة انحاء القارة العجوز قد أثقلت كاهلهم وطفح الكيل كما تقول تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا من تسامح المتطرفين بحجة حرية الرأي. وبالتالي ففي (٦ يونيو) الماضي أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا أنها ستكون على استعداد لتقليص حماية حقوق الإنسان لتسهيل ترحيل أو فرض قيود على حركة من يشتبه أنهم متشددون ممن لا تتوافر أدلة كافية لمحاكمتهم. وقد سبق لها خلال حملتها الانتخابية انها قالت «إذا كانت قوانيننا لحقوق الإنسان تحول دون قيامنا بذلك (التعامل مع المشتبه بهم بالتطرف) فسنغير القوانين حتى نقوم بذلك».
وأخيرا أعتقد أنه حان الوقت للدول الاوروبية للعمل على إعادة صياغة خطاب حقوقي مستند على معايير حقوق الانسان وحرية التعبير وفي الوقت نفسه يراعي التعامل مع مشكلة التطرف والغلو بشكل شامل، لان الاستمرار بالسماح لمن يحمل الافكار المتطرفة والمتشددة بتصدر القنوات والمنابر والتأثير على الناس دون محاسبة او مراقبة وكل ذلك بحجة حرية الرأي سوف يزيد من مستوى الإرهاب في أوروبا ولن يقلل منه.