الواقع أن ما يتم جمعه من تبرعات في عالمنا العربي والإسلامي ضعيف جدا بل ومخجل إذا قارناه بتبرعات الشعب الأمريكي، حيث يبدو كريما ومتفاعلا مع العمل الخيري بصورة ربما نحسده عليها، وذلك أمر بحسب تقارير حديثة تشير الى أن الأمريكيين قدموا تبرعات تجاوزت 390 مليار دولار في العام 2016، أي ما يعادل حوالي 1.5 تريليون ريال، مقابل 379.8 مليار دولار في العام السابق له، وكانت نسبة التبرعات التي قدمها الأفراد سجلت زيادة بنسبة 3.9% لتصل إلى 282 مليار دولار، بينما ارتفعت التبرعات التي قدمتها المؤسسات بنحو 3.5% إلى 59.3 مليار دولار، كما زادت تبرعات الشركات إلى 18.6 مليار دولار.
حصيلة عام واحد تعادل 1.5 تريليون ريال، ولا نتخيل جمع هذا المبلغ من التبرعات في غالب دولنا الإسلامية لعدة أسباب بعضها يتعلق بالأوضاع الاقتصادية الصعبة لكثير من المجتمعات أو صعوبة تجميع تلك التبرعات أو تعرضها للتآكل قبل وصولها لمستحقيها، ولكن ليس ذلك هو المهم طالما أن هناك نيات لبذل الخير لدى أكثر الناس، وإنما الفكرة في تبرعات الشركات والمؤسسات التي ليس لديها نية أو رغبة أو إرادة في دعم مؤسسات النفع العام.
العمل الخيري يمضي بسلاسة في الغرب لأنه يجد دعما مجتمعيا كبيرا قوامه تلك الأرقام المالية الضخمة التي تجعله ينفذ برامجه باقتدار وكفاءة، ولعلنا نلاحظ أن معدل تبرعات الأفراد أكبر من الشركات والمؤسسات، ولكن ما يهمنا في واقعنا أن تحظى أنشطة الجمعيات الخيرية والإنسانية بدعم الشركات والمؤسسات والبنوك بصورة أكبر تطبيقا لبرامج المسؤولية الاجتماعية، ولا يمكن لعمل عام أن يمضي في سبيل تحقيق أهدافه دون حيوية في هذه المسؤولية بحيث تضطلع كافة الجهات العاملة في القطاع الخاص بواجباتها تجاه النفع العام.
معضلة العمل في النفع العام هي التمويل والموارد المالية التي توفر السيولة اللازمة لتنفيذ وتنظيم البرامج والمشروعات، ولنفترض حصول مؤسساتنا وجمعياتنا على 500 مليار ريال سنويا لجميع أنشطتها في كفالة الأيتام ومعالجة المرضى وحل مشكلات الفقراء والمحتاجين والمساكين، فهي بلا شك بهذا المبلغ تكتسب قوة تساعدها وتعينها على أداء أدوارها وإنجاز مهامها على الوجه الأكمل، لذلك في سبيل الوصول الى محور مجتمع حيوي مطلوب تطوير أدوات النفع العام وإدارة مؤسساته بمنهج علمي والأهم توفير مصادر دخل وتمويل مستمرة تغطي كل برامجها طالما هناك مسؤولية اجتماعية يجب أن تسير وفقا لها كل الشركات والمؤسسات بصورة كريمة وغير شحيحة ولا بخيلة، فذلك يختصر طريق الخير طوال أيام السنة سواء في رمضان الكريم أو غيره.