في فجر يوم الخميس التاسع والعشرين من شهر شعبان 1438هـ الموافق الخامس والعشرين من شهر مايو 2017م انتقل إلى جوار ربه الصديق العزيز والأديب الكبير عبدالله بن أحمد الشباط، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه الصبر والسلوان.
لمـا نَعَـى النـاعِي رَحِيـلكَ باكِـيـاً
غَشِـيَ القُـلُـوبَ تَـوَجُّـعٌ وسَــقـامُ
السُّـهْـدُ ضَـجَّ بِلَـيْـلِـنـا وتَرَاكَمَـتْ كُـتَـلُ الأسَـى واسْـوَدَّتِ الأيَّــامُ
شَطَّتْ بِنا الأحْزانَ حِـينَ تَقَصَّفَتْ أغْصـانُ دَوْحٍ نَـاحَ فِــيـهِ حَـمــامُ
يا لوْعَـةً في النفْسِ شَـبَّ أوَارُها حِـينَ افْتِقـادُكَ مـا اسْـتقامَ كَـلامُ
هَـبَّـتْ رِيـاحٌ للنَّـوَى وتَـباعَـدَتْ مِـنَـا المَسـافَـةُ فالطَّـرِيــقُ قَــتـامُ
أَأَقُـولُ غبْتَ وهَـلْ يَغِـيبُ مُـعَـلِّــمٌ
ولَـهُ مَـكانٌ فِـي القُـلُـوبِ مُـقـــامُ؟
نُسِـجَـتْ خُـيُوطُ الآهِ مِـنْ فُقْـدانِـهِ
فَكَـأَنَّـمــا مَــلَأَ القُـلُــوبَ ضِــرامُ
يا مَنْ بَنَى صَرْحَ الصَّحافَةِ شامِخاً
فيه الـنُّهَى.. والمَوْقِــفُ المِـقْــدامُ
وخَلِيجُـنا العَـرَبِيُّ حَـلَّ بِــدارِهِ(*)
ضَـيْفاً عَـزِيزاً ما اعْـتَراهُ خِصامُ
واخْـتارَ مِـنْ جَـوْفِ الخَلِيجِ لَآلِئاً
أعْــلامَ فِـكْــرٍ ذِكْــرُهُـــمْ إلْــهـامُ
قَـدْ عـانَـدَتْـهُ هُـمُومُ أمَّـتِـهِ الــتي
لَعِـبَـتْ بِـهـا الأطْمـاعُ والأوْهــامُ
ولَحَا بَـناتِ الفِكْرِ عَـلَّ جُمُوحُها
يَـنْـقـادُ طَـوْعــاً كَـيْ يَـعُـمَّ سَــلامُ
يا مَنْ يُضاهِي النَّجْـمَ فِي عَلْيائِهِ
وبِـعَـزْمِــهِ تَـتَـجَسَّــدُ الأحْـــلامُ
ناجَيْتَ فِي جُـنْحِ اللّـيالِي عَـالَماً
فِـي ظِـلِّــهِ يَـتَـفَــيَّأ الأعْــلامُ
فِيهِ المَعارِفُ والعُلـُومُ قِطـافُـهـا
يَـهْــوَى جَـنـاهُ مُـثابِــرٌ عَــلّامُ
ولَقَدْ صَنَعْتَ مِنَ الحُرُوفِ كَواكِباً
لتُـنِــيرَ دَرْبـاً للـبِـنــاءِ يُــقــامُ
يا مَنْ رَسَمْتْ عَلى أدِيمِ وُجُودِنا
مَعْــنَى التَّفـاؤُلِ إِنْ يَحُـلُّ ظَــلامُ
ونَسَجْتَ مِنْ وَحْيِّ الطُمُوحِ مَلاحِماً
فِيهــا انْـفِـتاحُ الــرَّأْي والإقِــدامُ
ووَهْبْتَ للأَحْساءِ جُهْدَكَ كَيْ تَرَى
فِـي حُبـِّهــا تَـتَـنـافَـسُ الأقْـــلامُ
ونَذَرْتَ نَفْسَكَ فِي الحِياةِ لأجْلِهـا
وعَلَيْكَ مِـنْ حُلَـلِ الـوَفـاءِ وِسـامُ
فِيهـا غَـدٌ تَكْـفِي ابْتِسـامَـةُ ثَغْـرِهِ
لِيَـشِــعَّ مِنْهُ نُـورُهــا البَسّــامُ
جَمَـعَـتْ بَنِيها أُلْفَـةٌ ويَسُـودُهُــمْ
حُـبٌّ تَـجَـلَّى صَـادَقــاً ووِئــامُ
وهُـمُ عَلى العَهْدِ الذِي بَلَغُوا بِـهِ
شُـمَّ الـذُّرَى لَـمْ تَـثْـنِهِــمْ أوْهــامُ
***
سَجِّلْ عَلى سِـفْرِ الزَّمـانِ مَناقِـباً
كيْ تَقْتَدِي الأجْـيالُ حِـينَ تُضـامُ
وارْحَلْ فَذِكْرُكَ لمْ يَزَلْ مُـتَـحَدِّياً
مَـرَّ السـنينِ.. وفِـكْـرُكَ الإلِهـامُ
***
* إشارة إلى جريدة «الخليج العربي» التي أصدرها الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط في سبعينيات القرن الميلادي المنصرم.
