إن لم تحسن تدبير الأمور وأنت في أفضل أحوالك، فمن الأحرى أنك لن تفعل ذلك وأنت في أسوئها.. فالتخبط لا يزال ينتاب منهج قطر في معالجة أزمتها مع دول الخليج.. لست هنا بصدد تحليل الأمور من الناحية السياسية، إنما لفت النظر إلى العبرة التي تنطوي عليها بعض السياسات.. ومنها أن المال مما لا شك فيه يشكل قوة، وإذا اتحد المال والسلطة شكلا ثقلا عظيما، إلا أن هذه «العظمة» لا تشتري لك الحكمة ولا الهيبة ما لم تكن تملكها بالأصالة، ولا أسوأ من أنك تملك المال والسلطة لكن أفعالك تثبت أنك غير كفء لها، بل إن الظاهر عليك هو أنك تعاني نقصا و«حرقة حسدية» وكرها مشوها يدفعك إلى التصرف بما يفرط في هذه النعمة، تحت وطأة الشعور بالغيرة والحسد أو الحقد!! وفي سبيل ذلك ترتضي لنفسك أن تكون أداة رخيصة لعدو خصمك، غير آبه حتى بمكانتك المحتقرة عند هذا العدو، ولا حجم الخطورة التي يشكلها عليك!!
قد قلت سابقا (إنك لا تحتاج أكثر من فكرة خاطئة مستحيلة التنفيذ لتحيل حياتك جحيما وأنت تصر عليها وتحاول تحقيقها) وما ينطوي على الأفراد ينطبق على الدول أيضا؛ فبعض الأطماع أو الأحقاد التاريخية تدفع بعض الدول إلى استهلاك زمنها ومالها والتضحية بمصالح شعبها في سبيل تحقيق أحلام غير ممكنة.. الأمر الآخر الذي يمكن أخذ الحكمة منه في سياسات بعض الدول، أنك لن تغدو موضع احترام ما لم تكن بوجه واحد حتى في عداوتك.. إذا ما اضطررت أن تعادي فعليك أن تفعل هذا بشرف، لكن على ما يبدو أن الرخيصين لا يمكن أن يعادوا بشرف.. مشكلة المنافقين، المتلونين، أصحاب العداءات المستترة؛ أنهم يمارسون مكائدهم بخسة في الخفاء، وأمثال هؤلاء لا يمكن أن يكونوا مصدر ثقة حتى لمن يواليهم.. الوجه الواحد، والموقف الواحد، والكلمة الواحدة، لها ثقل في الميزان السياسي والإنساني، إنها توقع الهيبة والاحترام في نفس خصمك رغما عنه، لكنها كبيرة، كبيرة جدا على الصغار..
أخيرا:
- يحدث أن تزين بعض نواياك السوداء الطريق المظلم لأحلامك الفاسدة، لكنه الوهم، ولا شيء غيره يمكنه أن يحققها لك..
- الحكمة أصالة أخلاقية لا تشترى بالمال..