الإخوان المسلمون حركة إسلامية دينية، تأسست على صدى «إخوانيات» كثيرة كانت تعج في أديرة أوروبا أيام كان البابا زعيماً محارباً مجالداً يقود جيوشه في سهول مارينو ويطوع لمبارديا ويضيء شموع تيجانه في فلورنسا.
ولا بد أن المؤسس الأول لحركة الإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا وجيل التأسيس، كانوا يهدفون إلى وجود حزب بمنطلقات دينية يعد للمنافسة في الساحات السياسية الديمقراطية لتشكيل قيادة إسلامية أمينة على دين الأمة وروحها. وكان يفترض أن يتخذ الإخوان المسلمون اللاحقون، من سلفهم السابقين قدوة حسنة ويتحلون بالحكمة والموعظة ونظافة اللسان واليد والنية والمسلك. وبدلاً من أن يفعلوا هذا، كمتطلب أصيل لحزب ديني، فتن الإخوان بالدنيا وبالحزبيات السياسية وحركة رؤوس الأموال الجوالة، ومالوا مع الرياح إلى الأهواء والدونيات وزخارف الدنيا وقارونياتها. وذهبت أماني المؤسسين هباء منثوراً، كأن لم تغن بالأمس، إذ كانت أمانا لأحلام أمم قد خلت. ومع ذلك استمرت الآلة الإعلامية الهدارة للإخوان تقدمهم، بهتاً وضلالاً، على أنهم دينيون وغيارى، مع أن بعضهم وكثيرا منهم حزبيون أهل دنيا ومهايطون ييممون الخبيث منه ينفقون ويغمضون فيه، لا متدينون ولا يحزنون. ولهم في كل دنيا حضور وفي كل مربع مرتع. وفي هذه الأيام يشيدون دكاكينهم من لندن واسطنبول حتى الدوحة مروراً بالكويت والرياض والمنامة القاهرة وتونس والجزائر والدار البيضاء وحتى في هرجيسا في أرض الصومال، ويتحدثون بنفس واحدة وبنية واحدة وعلى قلب رجل واحد، لهذا حينما يعطس ولي أو متمول أو متصرف في أي مكان من العالم تقريبا يتداعون له بالحزن والضجيج والدفاع الحزبي الشرس، وهم أمميون لا يبالون لا بوطن ولا بمواطن، ولا يؤمنون بالحدود الوطنية، ويشكلون شبكة عصبية عريضة أشد وطئاً وقسوة وفظاظة من عصبية القبائل وأية عصبية أخرى، وإن تملحوا بأنهم ضد العصبيات.
وبدلاً من أن يعز الإخوان رسالة الله سلموا الدين للدنيا ووظفوه لخدمة الساسة والمتملقين، لهذا حينما لا تهادن بلدان حزبهم، يشنون عليها الحملات واللعنات ويخرجونها ويرمونها بسوء العذاب. والإخوان، وبالذات إخوان الخليج والسعودية، في هذه الأيام يتولعون بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يميلون حيث يميل، ويرجمون أعداءه بكل رجز، ويكاد يكون بمقام الذي لا يسأل عما يفعل، وتولعوا أيضاً بأموال الشقيقة قطر التي تحالفت معهم على الخير والشر كما يبدو، وبينهم وبين مرشد إيران الخامئني هوى مكتوم، وبعض الإخوان يراه ولي أمر المسلمين وهو، بعد اردوغان، المنجي والمرتجى، وولغوا في الخصومة، وأوغلوا وتغولوا في عدائهم للمملكة وأفحشوا ورقصوا على كل مزمار يسيء إلى المملكة ويعاديها، وبعضهم يرجم المملكة بالسيئات والتهم والبهتان فقط لتقر أعين الحزبيين الإخوان وتبتهج الإخوانيات.
ولأن الإخوان هم حزب ومجموعات، فلا بد أن بينهم رجالا رشيدين واعين، لكن هؤلاء يضيعون في الزحام وتبح أصواتهم في ضجيج الآلة الانتهازية الحزبية.
*وتر
أرض الله..
والمشعر الحرام
ومآذن البيت العتيق،
ليتم الله نوره في الآفاق والقلوب..
وموعد الظلام الصبح
أليس الصبح بقريب؟