غياب الأولويات يأتي بالاجتهادات،الأولويات في الأهداف والأغراض أحد تعريفات التخطيط. كنتيجة نسأل: أيهما أهم لحياتنا القمح أم الفاكهة؟! الأهمية تحدد استراتيجية الاختيار. الحقيقة تقول: لا غنى للإنسان عن القمح، لكن يمكن للإنسان الاستغناء عن الفاكهة. لماذا غابت هذه الحقيقة في شأننا الزراعي؟! لماذا طغى مد الاجتهاد في ظل ظروفنا البيئية الحساسة والهشة؟! زراعتنا عشوائية ومضرة وبعيدة عن التخطيط. ■ ■ الأهمية تحقق الانجاز الزراعي المستدام، كنتيجة علينا البدء بالأكثر أهمية وحاجة وإلحاحًا.أسألكم مقارنة مع زراعة القمح: هل زراعة أشجار المنجة أولوية؟! هل زراعة أشجار الزيتون أولوية؟! هل زراعة أشجار البرتقال أولوية؟! هل زراعة أشجار فواكه الشركات الزراعية أولوية؟! هل زراعة الورد والزهور أولوية؟! هل زراعة وتصدير البطاطس والشمام والحبحب أولوية؟! هل التوسع في زراعة النخل أولوية؟! هناك زراعات انتاجها لا يغطي ثمن استهلاكها من المياه الجوفية. تصدير المنتجات الزراعية أشبه بتصدير مائنا الثمين. ■ ■ العدوى في أمر الزراعات العشوائية تنتشر، هناك أصوات في مناطق كالباحة، على سبيل المثال، تنادي بنشر زراعة أشجار الزيتون في المنطقة. لماذا وهي في الأصل، وعبر التاريخ، مناطق لزراعة الحبوب، خاصة القمح؟! لماذا هذا الحماس لهذا النوع من الزراعات الدخيلة على مثل هذه المناطق؟! تطرقت سابقا الى غياب الخارطة الزراعية للمملكة. نتائج هذا الغياب تؤثر سلبا على البيئة.
■ ■ جميع زراعة مناطق جبال السراة وسهول تهامة عبر التاريخ تعتمد على زراعة الحبوب خاصة القمح. ماذا تغير؟! هل هو نقص الشعور بأهمية هذا النهج الزراعي؟! الناس بحاجة الى كسرة خبز. كيف نتجاهل هذا عندما نتوسع في زراعات ثانوية ليست ضرورية؟! نحن بحاجة الى مرحلة تصحيح. مرحلة إعادة التفكير في القطاع الزراعي برمته. ■ ■ هل نحن بحاجة لتصدير المنتجات الزراعية التي تستنزف المياه الثمينة؟! نعرف أن مياهنا محدودة، ثم نتجاوز هذه الحقيقة، لماذا؟! هناك زراعات انتاجها لا يغطي سعر استهلاكها من المياه الجوفية. أتعجب من سعر بعض المنتجات الزراعية، هل يعادل سعر تكلفة متر الماء المكعب الذي ننتجه من تحلية مياه البحر؟! نحلي ماء البحر ونترك المياه الجوفية ضحية التوسعات الزراعية العشوائية. منطق يرفضه العقل. ■ ■ أكرر: ماذا تعني الأولوية في أمر التخطيط الزراعي؟! الأولوية تكمن في زراعة الضروريات. زراعة القمح ضرورة، يمثل مفتاح الأمن الغذائي حتى للأجيال القادمة. أيهما أهم زراعة القمح أم زراعة 30 مليون نخلة، يفيض انتاجها نعمة الماء؟! أيهما أهم القمح أم زراعة أشجار الزيتون، أم زراعة أشجار الفواكه، أم زراعة الأعلاف؟! عليكم الحساب الى أن تصلوا الى زراعة الفراولة، والزعفران، والزهور، والأرز، وبقية زراعات التباهي وإهدار المياه الجوفية. لدينا قمح محلي في جبال السراة يمكن حصاد سنابله من مطرة واحدة. لماذا التجاهل؟! أنقذوه قبل فقده. هذا إن كان له بقايا في المنطقة. ■ ■ من يمنح رخصة المشاريع الزراعية؟! من يدعم بالقروض والإعانات؟! في الوقت الذي أحجم الجميع عن زراعة القمح الضروري لتأمين كسرة الخبز، نمارس الاحتفالات بإنتاج زراعات غير ضرورية. أيضا أتعجب من الدعوة لتأسيس جمعيات تعاونية زراعية، تزيد الطين بلّة. الى أين نحن ماضون؟! متى نستوعب خطورة استنزاف المياه الجوفية المحدودة على زراعات لا تحقق إلا المزيد من الاستنزاف الجائر للمياه؟!