بعيدا عن الاقتصاد وقريبا من السياسة في هذا المقال، دون تنظير أو إدعاءات بعد نظر وعمق قراءة للموقف فهناك من هم أعلم وأقدر على ذلك، ولكن للظرف الحاصل والازمة التي تمر بها المنطقة مع دولة قطر فوجب على الكاتب تسجيل موقف ولاء لوطنه فنحن ضمن تاريخ يصنع بالفعل.
مما نسب للملك عبدالعزيز رحمه الله مقولة يصف فيها حلمه وطول باله بقوله (حتى إذا لم يبق للصبر مكان، ضربت ضربتي فكانت القاضية)، عندما يتمعن القارئ في المقتطع السابق يجد أن هذا هو منهاج أسس له رحمه الله وتبعه في تطبيقه كل من خلفه الى يومنا هذا، ورأيناه جليا في سياسة وحزم الملك سلمان حفظه الله. منهج المملكة المعمول به فيما يخص العفو والتسامح والاحتواء، هو منهج الدين القويم والعقلانية وتغليب الصالح العام، إلى أن تصل الأمور حدا لا يمكن التجاوز والتغاضي عنه فتكون ردة الفعل حازمة وواضحة لا لبس فيها ولا هوادة وهذا هو قمة الاعتدال.
لفترة طويلة تجاوزت دولة قطر كل مفهوم للعمل الصالح مع دول الخليج وتناست بديهيات الجزء من الكل والنسيج الواحد في تصرفات لا يقرها منطق اما بدعم لعدو أو زعزعة لأمن واستقرار، فتحولت قطر للأسف من دولة صغيرة المساحة جغرافيا كان من الممكن أن تبرز على الساحة الدولية عبر مساهمات فعالة أو نشاطات إيجابية إلى مركز للإزعاج والمساهمة والتشويش على الآخرين.
الأكيد أن المملكة بقيادتها الحكيمة قد مارست كل مسار للتعديل والتصويب إلى أن وصلت إلى هذه القرارات التي تضمنت المقاطعة وإغلاق الحدود. والأكيد أيضا أن قطر قد أضاعت بوصلتها عن الطريق الصحيح وعن مفاهيم التعاون التي هي أحوج له في بحث عن زعزعة وعداءات غير مبررة في المنطقة، وإن طال الأمر فلابد لقطر أن تعود بقرارها وبالتزام منها فالوضع إن استمر لا خاسر فيه سواها. في مفهوم علاج الجسد الواحد ليس بعد الكي إلا البتر. المبتور يأفل والجسد يبقى. وفق الله الجميع.
