كان فورمان أكثر المقاتلين شراسة في عالم الملاكمة ويصغر محمد علي كلاي بسبع سنوات، ورغم ذلك فقبل اللقاء المرتقب بينهما بأسابيع اهتم الصحفيون بسؤال كلاي عن رأيه في احتمالات فوزه فكان يكرر للجميع:
«فورمان لديه قبضة قوية بقوة دفع عظيمة، لكن لكماته بطيئة تستغرق سنة للوصول لغايتها، فهل تعتقد أنها ستقلقني؟ سيكون هذا اللقاء هو الانقلاب الأكبر في تاريخ الملاكمة».
وقد تحققت نية محمد علي كلاي، وتمكن من هزيمة خصمه في أشرس مباريات الملاكمة التي عرفها تاريخ اللعبة.
استخدم محمد علي كلاي منذ بداياته تقنية قوية للتحفيز الذاتي، عبارة عن خطة ذهنية mental blueprint، تحتوي على تأكيدات لغوية وفيلم ذهني ونوايا مركزة وتخيلات ايجابية، كتقنيات بالغة الأثر على الدماغ وتحسين الأداء، ويمارسها حاليا العديد من الرياضيين في جميع الميادين كعنصر جوهري في خطة التدريب.
يعتمد الفوز كثيرا على مدى التحديد في تدريبك الذهني، فالرياضيون المحنكون يجيدون استخدام صور ذهنية حية شديدة التفصيل، ويقومون بالأداء بأكمله تصوريا، وتكرار لقطة الانتصار، ويتدربون على إدارة مشاعرهم واستجاباتهم العاطفية للفوز، وردة فعل شركائهم، والجوائز ومراسم التتويج، كما يتخيلون الجمهور وهو يهتف بقوة لأدائهم الجميل، ويدمجون حواسهم كلها في الفيلم الذهني، فلا يكتفون بصورة ذهنية عن الحدث المستقبلي، بل يسمعونه ويشمون رائحته ويشعرون بأجوائه، والعرق المتصبب والتصفيق المحيط بهم، والأكثر أهمية هو الإحساس الحركي، فكلما زادت خبرة الرياضيين تمكنوا من تخيل أجسامهم بشكل أوضح وهي تمارس الأداء الرياضي بتفوق.
تعتمد نظرية الخطة الذهنية على أن التدريب الذهني يولد النماذج الذهنية الضرورية للفعل الحقيقي الفيزيائي، فعندما يقوم الرياضي بالأداء الذهني المسبق تتنبه الأعصاب التي ترسل الإشارات عبر مسار محدد، مما يجعلنا أفضل أداء في مهماتنا الجسدية.