تتباين الآراء والمواقف في المجتمعات العربية إزاء المرأة تبايناً كبيراً وفقاً للخلفيات الثقافية والعمر والنواحي الوظيفية والاهتمامات، وكذلك وفقاً للتاريخ النسبي لكل قطر من الأقطار العربية، وأحياناً الظروف البيئية التي يعيشها الناس في زمن إصدارهم الأحكام وتبنيهم المواقف الاجتماعية والسياسية.
وقد أجرت مجلة الإيكونوميست دراسة في عام 2016م على مجموعات من الرجال والنساء في أربعة أقطار عربية، هي: مصر والمغرب ولبنان وفلسطين، من أجل التعرف على النظرة إلى المرأة فيما يخص أربعة موضوعات محددة، هي: وصاية الرجل على المرأة، وقضية ضرب الرجل لها، ومدى شعور الرجل بالخجل عند الاعتناء بالأطفال والقيام ببعض الأعمال المنزلية، ومدى إمكان أن تحصل المرأة غير المتزوجة على الحقوق نفسها التي ينالها الرجل غير المتزوج في تدبير حياته كما يريد.
وقد بلغت نسبة تأييد الوصاية على المرأة حداً عالياً جداً في ثلاثة مجتمعات منها (مصر والمغرب وفلسطين)، حيث كانت نسبة 75% من الرجال في مصر والمغرب، ونسبة 80% من الرجال في فلسطين يؤيدون وصاية الرجل عليها. واللافت للنظر أن نسبة النساء المؤيدات في مصر بلغت أيضاً 75%، وفي المغرب وفلسطين تجاوزت نسبتهن 50%. أما لبنان، فكانت نسبة 30% فقط من الرجال، وقرابة 40% من النساء تؤيد وجود الوصاية عليها.
وفي موضوع ضرب المرأة، تقلصت النسبة بالطبع، لكنها بقيت مخيفة؛ فأكثر من نصف المجموعة المشتركة في الاستبانة من الرجال المصريين كانت تؤيد ضرب الرجل لها، وكذلك أيد الضرب قرابة 35% من المصريات، وفي فلسطين أيد الضرب 35% من الرجال، وقرابة 25% من النساء، وفي المغرب كان التأييد مقارباً للفلسطينيين عند الرجال 35%، وبلغ نسبة 20% من المؤيدات بين النساء؛ في حين بلغت النسبة في لبنان 20% بين الرجال، وقرابة 7% بين النساء. والجدير بالذكر أن نسبة 7% الأقل في المجموعات الأربع من النساء اللبنانيات المؤيدات لضرب الرجل لبنات جنسها، تعد مؤشراً خطيراً على تدني مفهوم الثقافة الحقوقية في المنطقة العربية، وحماية العناصر الضعيفة من العنف.
وبشأن الشعور بالخجل من قيام الرجل بالاعتناء بأطفاله، والمساعدة في بعض الأعمال المنزلية تدنّت النسبة كثيراً في مصر؛ حيث لم يؤيد ذلك إلا قرابة 10% من الرجال، وقرابة 18% من النساء. وكانت مشاعر المغاربة بالخجل من المساعدة أكثر منها في بقية المجموعات، إذ بلغت قرابة 35% بين الرجال، وقرابة 25% بين النساء، وفي المقابل لم يشعر بالخجل في هذا الشأن من الفلسطينيين سوى 20%، وقرابة 15% من النساء المغربيات، وقاربت النسبة بين اللبنانيين، رجالاً ونساء مثيلتها عند الفلسطينيين.
أما في الموضوع الأخير، فقد تقاربت النسبة في المغرب معها في لبنان؛ إذ أيد قرابة 55% من المغاربة، وقرابة 60% من الفلسطينيين، مقابل 80% تقريباً من المغربيات والفلسطينيات، حرية المرأة غير المتزوجة في إدارة شؤون حياتها المدنية. لكن نسبة المؤيدين من الرجال في مصر لم تتجاوز 10%، وقرابة 30% من النساء، وفي فلسطين أفضل حالة، حيث بلغت 30% بين الرجال، ونسبة 40% بين النساء.
ويمكننا استخلاص بعض النتائج المتعلقة بتردي أوضاع حقوق المرأة والطفل في المجتمعات العربية؛ إذ لا يمكن للشعوب التي تنتشر فيها ثقافة قبول ضرب المرأة، أو الوصاية عليها، أن تتقدم كثيراً في حماية الأفراد.