من واجبنا كعلماء وباحثين وخبراء سعوديين أن نقدم للعالم تراثنا المهاري. علينا إعطاء تفسيرات علمية، كل فيما يخصه كنتيجة تركيزي منصب على التراث المهاري المائي والزراعي والبيئي، تراث الخبرات التراكمية الإيجابية عبر السنين في البيئة الجافة. ضياع تراثنا المهاري وإهماله خسارة علمية، والتفسيرات العلمية تزيد من أهمية تطبيقاته كحلول ذات قيمة، أيضا يعزز تنميتها واستثمارها. نحن والعالم بحاجة الى حلول لمشاكل وتحديات، خاصة في مجال الماء والغذاء. التراث المهاري يملك حلولا، حتى إن بدت لنا في قوالب صغيرة لا تلفت النظر. حلول قد تفضي الى أفكار عظيمة لمواجهة مشاكل كبيرة. ¿¿ تعظيم إيجابيات التراث المهاري في المناطق الجافة بحاجة لخبراء وعلماء هذه البيئات، يستطيعون الربط بين تراث الماضي المهاري، وحاجات ومتطلبات الحاضر والمستقبل. في المملكة علماء وخبراء يمكنهم إعطاء تفسيرات علمية لموروثهم المائي والزراعي والبيئي، لعل أهم انجاز يمكن تحقيقه هو البدء بتأسيس بنوك للمعرفة والمعلومات التراثية المهارية، حيث تسجل المهارة، ثم يسجل تفسيرها العلمي، ثم تبدأ مرحلة التنمية والتطوير والتطبيق وإعطاء الأهمية. ¿¿مع التراث المهاري الشيء الذي يُفقد لا يعود. أدعو لإنشاء بنك لكل أنواع البذور الزراعية المحلية قبل ضياعها وسرقتها. هي جزء من النسيج التراثي المهاري العبقري. البذور المحلية منتخبة قادرة على مواجهة الجفاف وتحمله. كتبت عن هذا سابقا، لكن التذكير بأهمية هذا الأمر ضرورة.
¿¿ جاءني إلهام التراث المائي والزراعي والبيئي في مرحلة مبكرة قبل حصولي على إجازة الدكتوراة. تضمّن بحث الدكتوراة ملامح من هذا التراث المائي العبقري. واصلت الاهتمام بإنجاز بحث عزز إيماني بأن الحل القادم في مجال أمننا المائي والغذائي يكمن في تراثنا المهاري المائي والزراعي. اتحدث عن بيئتي المطرية في جبال السراة. هذا يعني أن علماء كل بيئة يستطيعون الولوج بأنفسهم وعلمهم وخبرتهم الى مكامن معارف لا يعرفها غيرهم. ¿¿ دفاعي عن الماء لم يأت من فراغ، كنتيجة استمر طوال هذه العقود. البعض يستعجل النتائج. البعض يرى الاستمرار مضيعة للوقت. قناعتي تزداد بأهمية ما أدعو اليه. رهاني دوما منصب على عامل الوقت. المهم عدم التوقف. ليكن هذا ديدن الجميع. كنتيجة أصبح الدفاع عن المياه الجوفية والبيئة محور نشاط حياتي العلمية. السؤال هل مَنْ نتيجة؟! ¿¿ كلما ابتعد الجواب زادت قوة الاستمرار. تتعزز الهمة لمواصلة العطاء. لكن كيف يمكن لأمثالي معرفة النتيجة. الأمر بسيط. إذا تغيرت الممارسات من الأسوأ الى الأحسن. الأسوأ هو الذي يؤثر سلبا على المستقبل. كباحث أجد السلبيات تقود نحو الإنجاز. السلبيات تحديات يجب تشخيصها. يجب تحديد احتياجات تجاوزها. هذا محرك إيجابي لأي باحث وعالم وخبير. التجاهل يعمّق جراح المشاكل وهذا من السلبيات. ¿¿ السلبيات قادت في عام (1995) لإنجازي بحثا بعنوان: «ممارسات صيد مياه الأمطار في المناطق الجافة دراسة حالة التراث المهاري لأهالي بلاد غامد وزهران في المملكة العربية السعودية». من هذا البحث جاءت نظريتي ضد بناء السدود. ثم طرحت حلا لبدائل السدود. ثم كتبت في مجلة اليمامة. العدد (1396)، (السبت شوال 1416 الموافق 9 مارس 1996)، صفحة (42-45) حول هذه البدائل. أيضا طرحت بدائل السدود بالمناطق الجافة في الندوة الأولى لإدارة وتشغيل السدود في المملكة عام (2006 / 1427). وقبل هذا طرحت بدائل السدود في ورشة عمل بمركز أبحاث المياه، جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، بعنوان: «حاضر ومستقبل السدود في المملكة» بتاريخ (15 ابريل 2004). ¿¿بسبب السلبيات أيضا تابعت عملي لصالح المياه والزراعة والبيئة. وضعت مقررين دراسيين في جامعة الملك فيصل لتأهيل أجيال من الدارسين. المقرر الأول: «الارشاد البيئي»، الثاني: «الارشاد المائي الزراعي». إنجاز تحقق على مستوى المملكة والعالم العربي. ضمنتهما ممارسات عبقرية من التراث المهاري المائي والزراعي للبيئة المحلية. نعم وجودنا ليس عشوائيا على أرضنا الجافة.