لن أتحدث عن التميز والعلو والنجاح على المستوى الفردي ولكن على مستوى الدول، ففي واقعنا الحاضر هناك مجتمعات عديدة يمكن أن نطلق عليها عصامية بدأت من الصفر واستطاعت أن تضع لها بصمات كبيرة ومهمة في العالم وأصبح الجميع يشير إليها بالبنان، بل وتحذو حذوها الكثير من الأمم من خلال تبنيها العديد من المبادرات وشحذ همم أبنائها الذين يعتبرون الوقود لأي انطلاقة نحو العالمية وصناعة المجد.
التعليم يعتبر الخطوة الأولى لتستطيع تحقيق النجاح المنشود، وهذا ما أدركته الكثير من المجتمعات التي كانت متأخرة فأصلحت نظامها التعليمي وألحقت أبناءها بالبعثات لينهلوا من علوم ومعارف الدول المتقدمة ومن ثم بعد عودتهم بدأت هذه الدول في انطلاقتها ونهضتها الصناعية والعلمية والثقافية، ولدينا شواهد كثيرة مثل: اليابان التي عانت بعد الحرب العالمية الثانية ولكنها لم تستسلم لهذه المعاناة التي اعتبرتها كبوة يمكن تخطيها إلى الأمام وتمكنت من تحقيق قفزات هائلة لتصبح من أهم البلدان الصناعية على مستوى العالم، وأيضاً تايوان ذلك البلد الصغير القابع على جزيرة والخالي من أي موارد نشاهد صناعاته تدخل في الكثير من الأجهزة والمواد الاستهلاكية وتستفيد منها أغلب دول العالم، وكذلك ماليزيا بانطلاقتها في الثمانينيات لتصبح رقمًا صناعيًا مهمًا وقبلهم العملاق الصيني والكوري وغيرها من الدول التي حققت النجاح بالتخطيط السليم المدروس.
توجد دول أخذت وصفة النجاح وبدأت فعلاً في تطبيقها ويمكن أن نشهد لها توهجًا خلال السنوات القادمة ومنها المملكة التي أدركت قيمة التعليم للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة فقامت خلال السنوات الماضية بابتعاث الآلاف من الطلبة والطالبات في أغلب التخصصات العلمية المهمة في الكثير من الدول الرائدة، وأصبحت المملكة الدولة الأولى على مستوى العالم في الابتعاث مقارنة بعدد السكان وبدأنا نسمع عن الاكتشافات والاختراعات العالمية التي يطلقها شبابنا وشاباتنا الذين سيقودون النهضة السعودية الحديثة ثم تلتها حالياً مرحلة التصنيع سواء العسكرية أو السيارات الذي تم وضع لبناته مؤخراً وغيرها من مجالات لتؤكد التخطيط المدروس بعناية والمتوافق مع رؤية المملكة 2030 لتصبح المملكة رقمًا دوليًا مهمًا. اندونيسيا أيضاً بدأت تعانق هذا الطريق وتحقق قفزات كبيرة نحو العالمية ونشاهدها في وقتنا الحاضر تمشي على الخطوات الصناعية لدول شرق آسيا الكبار بكل اقتدار.
ليس المهم أن تأتي مبكرًا ولكن المهم أن ترسم خطوات النجاح التي تحقق لمجتمعك التميز والريادة لتصبح من الأمم التي يشار إليها بالبنان.