في خطوة مهمة وأكثر من رائعة سلمت الهيئة السعودية للمهندسين أول شهادة اعتماد وبطاقة عضوية لمهنة فني لوافد يعمل بالمملكة العربية السعودية، وذلك تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية، القاضية بربط إصدار وتجديد إقامات جميع المهن الهندسية المساعدة كالفنية وغيرها والتحقق منها بعد التسجيل مهنيًا لدى الهيئة السعودية للمهندسين، وبعد هذه الخطوة يمكننا القول «وداعًا لكل من ادعى أنه فني وتم استقدامه بمهنة أخرى ويأتي للمملكة ليخالف الأنظمة ويتدرب بالسوق السعودي». في مقال سابق كتبت عن العمل الجبار الذي تقوم به الهيئة السعودية للمهندسين في دعم المهنة والمهندسين السعوديين، وما زلت مُصرًا بأن الهيئة لم تُعط حقها من التسليط الإعلامي على جهودها المبذولة والتي سيكون لها تأثير كبير على معالجة العديد من القضايا في سوق العمل السعودي، واليوم أنا أراهن على أن الهيئة كلما تم إعطاؤها دورًا وصلاحيات أكبر فستكون نتائج أعمالها مميزة وذات تأثير كبير على المهنة والبطالة السعودية من حملة شهادات الهندسة والتخصصات المساعدة لها. سوق العمل السعودي يمر بمرحلة ليست بالسهلة أبداً، وهناك تشوهات عديدة أدت إلى تعقيد غريب في سوق العمل ما نتج عنها تضعيف لحال سوق العمل، فالحال الذي مر به سوق العمل السعودي لا أتوقع أن يكون له مثيل في أي دولة أخرى، فعلى سبيل المثال هناك فوضى وخاصة من الوافدين الذين تم استقدامهم تحت مسميات وظيفية بعيدة عن المسميات الفنية ومن ثم تم الدفع بهم في السوق للعمل تحت حسابهم الخاص، وتوجهوا للسيطرة على المهن الفنية بدون أي مؤهلات تذكر، وكان ضحاياهم العديد من المنازل والمواطنين وحتى أصحاب الأعمال من الشباب السعودي، ومثال آخر على الفوضى العارمة نجد أن هناك العديد من الوافدين يعملون في منشآت القطاع الخاص بالوظائف الهندسية المساعدة ولا يحملون أي مؤهلات تخصصية، ووصل الأمر أن هناك عددًا كبيرًا منهم يحملون شهادات مزورة في تخصصات متعددة كان هدف الحصول عليها هو فقط الوصول للسوق السعودي والذي أصبح شبيهًا بمركز لتدريب تلك العمالة.
من المؤسف أن نجد أقلية لكوادر سعودية في مختلف التخصصات الهندسية والمساعدة لها في سوق عمل «بليوني»، وما تقوم به هيئة المهندسين هو حماية حقيقية للمهنة، فعملية إلزام الوافدين بالتسجيل من خلال الهيئة هو توجه مهم لضبط جودة الكوادر البشرية التي ستعمل في المملكة، وعملية التدقيق على شهاداتهم ومؤهلاتهم قبل الدخول للمملكة وربط استقدامهم بإشتراط سنوات خبرة معينة هو توجه لا يقل أهمية عن ما ذكرته سابقاً لحماية المهنة، ومن خلال ما تقوم به الهيئة سيتم إتاحة العديد من الفرص الوظيفية للكوادر السعودية، وسيتم تطهير سوق العمل من تجاوزات أدت إلى شلل في بعض الأنشطة والمهن.
وجهة نظري الشخصية أننا نحتاج لتواجد شراكات عالمية مع معاهد فنية وتقنية، فمن تجارب سابقة للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالمملكة نجد أن مساهمتها كانت متواضعة وأقل من المأمول منها، ولذلك من المهم جداً الاستعانة بخبرات المعاهد العالمية في مختلف التخصصات الفنية والتقنية؛ لأننا نحتاج فعليا لمخرجاتها، فأنا «شخصياً» يهمني في النقلة النوعية لسوق العمل التي تعمل عليها الجهات الحكومية بالمملكة أن تكون وظائف سوق العمل المستقبلية «فنية» أكثر من الوظائف «الإدارية»، وهذا مؤشر هام للإصلاحات الحقيقية عند معالجة تشوهات سوق العمل.
ختاماً: أنا لست بمهندس ولم أدرس الهندسة، ولكن ما تقوم به هيئة المهندسين يدعوني للفخر بمهنة الهندسة والتي لم تُعط حقها في الحماية منذ سنوات عديدة.