السياسة في أحد أوجهها تشير إلى الأساليب والخطط التي تتبعها دولة، او مجتمع لتحقيق مصالح معينة. يضاف الى هذا التوصيف المجرد عنصر الأخلاق، الذي غالبا ما يكون من منبت ايدلوجي، ثقافي ويكون في حدود المعطى البشري، والإنساني العام ولا يتجاوزه إلى معان أخرى لكيلا يكون المفهوم برمته طائفيا. بعبارة أبسط السياسة كمعطى عملي، تصبح منتجا لإفساد فكر الناس اذا حُمل بنظرة ايدلوجية قاصرة، تضع المجتمعات والدول في مواجهة خاسرة مع الواقع.
قمم الرياض التاريخية الثلاث اختصرت مشاكل العالم المعاصر في الإرهاب ومنابته ورعاته من الدول والجماعات والأفراد، ووضعت خطوطا عامة للتعاطي الفعال والملتزم مع هذه الآفات ومصادرها، وأطلقت تلك القمم الرسائل الواضحة للجميع، التي تعكس العزم الإقليمي والدولي على السير في طريق جديد هو الأكثر أمنا لمستقبل العالم. هذه الحقائق انتجتها لقاءات شاركت فيها دول محورية وصانعة للعمل الدولي، كما تمت بحضور ربع أعضاء المنظومة العالمية، وان كل هذه المعطيات انجزت واعلنت للعالم من ارض الحرمين الشريفين.
وبعد ذلك كله ما زلنا نسمع ونشاهد جهات مصابة بالسذاجة السياسية التي في الغالب تتحول الى عَمَى سياسي كامل.
هل يتخيل أحد أن يكون جزء كبير من مخرجات هذه القمم التاريخية يشير بأصابع الاتهام المؤيد بالأدلة الى السلوك السياسي السلبي الايراني للمنطقة، وان تكون ايران طرفا مبعدا من هذه اللقاءات، ومع ذلك نجد من يقول: إن ايران لا يهمها حضور هذه القمم، والسبب في هذا الرأي أن هناك مقولة تنسب للخميني مفادها ان «امريكا لا تستطيع ارتكاب اي حماقة مع ايران» !!
الأخطر من ذلك هو ترويج الفهم المغلوط الذي يصدر للناس الذي مفاده، ان كل من اجتمع في هذه القمم اجتمع لبحث امن اسرائيل! الذي يخشى عليه من القوة الايرانية!!
قلب الحقائق والتخفي وراء الايدلوجيا اسلوب ايراني معتاد، الصادم الى درجة الفجيعة ان اطرافا عربية لا تزال وبعد كل الذي حدث في القمم العربية والاسلامية الدولية في الرياض ترى انها ليست معلقة تماما بين الحق العربي الاسلامي الدولي وبين التغرير الايراني، ولا تزال ترى ببراءة سياسية قاتلة ان ايران محيط طبيعي لها، ولا يمكن الابتعاد عن تأثيراته الاقليمية، في الوقت الذي تقول الحقائق على الارض ان الطموح الايراني بالتوسع وصل الى حد التأثير في البنية السياسية والامنية في بعض البلدان العربية «العراق مثال» وان التوجيه الايراني يجد التنفيذ والتطبيق على الارض العربية لتحقيق مصالح ايران في تلك المناطق الآن وفي غيرها من الاقطار والبقاع العربية مستقبلا.
الاتفاقات تمت في قمم الرياض بين المملكة وأمريكا، لا يتَنَاول الجانب الامني والدفاعي الموجه لحماية أمن المملكة الذي تسخره لحفظ الأمن العربي والإسلامي.
الدعاية المضادة لعبة سياسية، والذي يحدث اليوم تضليل ايراني سياسي اعلامي مصحوب بقبول عربي جزئي، يؤكد أن السذاجة السياسية تتحول إلى فقدان تام للرؤية.