قبيل انعقاد قمة الناتو مع الرئيس دونالد ترامب بيوم، كنت في زيارة إلى مقر الحلف، قابلت عدة مسؤولين فيه منهم سعادة السفير سعيد عبيد الكعبي المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى الحلف، وكذلك القائم بالأعمال لدولة الإمارات السيد نضال الفلاسي الذين أكرموني بفضلهم ووقتهم وأعطوني الكثير من المعلومات عن آلية عمل الحلف وصناعة القرار فيه، ثم أخذوني في جولة في مقر الحلف الذي يعود لعقد الستينيات، وكما يذكر السفير أن الحلف كان في الماضي قاعدة جوية استخدمها الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية، وبني المقر على عجل عندما اضطر الحلف لمغادرة باريس، بعد انسحاب فرنسا منه في عام 1966. شاهدنا بعد ذلك على الجانب الآخر من الشارع المقر الجديد للحلف، وهو مبنى ضخم جدا يشبه المخلب في بنائه وقد شيدت هياكله من الزجاج والصلب بتكلفة تقدر بنحو مليار يورو. دار الحديث مع سعادة السفير حول «مبادرة اسطنبول للتعاون» وتقييمه لها. يرى سعادة السفير ان دولة الامارات منذ انضمامها الى مبادرة إسطنبول للتعاون في عام 2004 ساهمت بشكل كبير في جهود الحلف «الناتو» لتوفير الأمن والاستقرار سواء في أفغانستان أو ليبيا، كما انها تقوم بدور فعال ونشط في المجال الانساني لاسيما في أفغانستان دعما للجهود الدولية الرامية إلى إعادة الإعمار والإغاثة، وتوفير الخدمات والتعليم. ومن جهة اخرى تسعى الامارات من خلال مشاركتها مع الحلف للاستفادة من خبرات الحلف في تطوير مجالات التعليم والتدريب والتعاون العملي. وبالتالي يرى سعادة السفير اهمية التعاون مع الحلف في مختلف المجالات وتبادل الخبرات الفنية والدفاعية والاستفادة من خبرات الحلف في مجال التدريب وتبادل المعلومات.
وكذلك قابلت في اطار الزيارة السيد نيكولا دي سانتس رئيس إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حلف الناتو، ودار حوار طويل وممتع حول كثير من قضايا الحلف مثل ادارة ترامب والقمة المرتقبة للحلف وتغير أدوار الحلف بعد الحرب الباردة والتدخل في افغانستان وليبيا وكذلك تحدثنا عن مبادرة اسطنبول للتعاون. يذكر دي سانتس ان ترامب تغير كثيرا بعد انتخابه رئيسا وان تصريحاته خلال حملته الانتخابية التي اتهم فيها الحلف بأنه من المنظمات التي عفى عليها الزمن تغيرت بعد فوزه بالرئاسة ودعا للتمسك ببقاء الناتو وانه ضرورة حيوية بالنسبة الى واشنطن وحلفائها الأوروبيين. أما بخصوص تغير ادوار الحلف بعد الحرب الباردة، فيقول دي سانتس بالتأكيد تغير الحلف وتحولت أدواره من مواجهة التهديد المباشر الذي كان يمثله حلف وارسو ابان الحرب الباردة الى تحقيق الأمن والاستقرار في القارة الاوروبية. وبالتالي تغير دور الحلف من كونه أداة للدفاع الجماعي الى منظمة مشتركة تسعى الى مواجهة التهديدات التي تقوض أمن الدول الاعضاء. لكنه استدرك بأن المهمة الاساسية للحلف وهي الدفاع الجماعي مستمرة والتي تم اللجوء اليها في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر الإرهابية على الولايات المتحدة. وعن سؤالي له عن تقييمه لـ «مبادرة اسطنبول للتعاون» قال دي سانتس ان المبادرة ارسلت رسالة ايجابية في أن أمن واستقرار منطقة الخليج مهم لحلف الناتو وأمن واستقرار المنطقة الأوروبية هو كذلك مهم بالنسبة الخليج. وبعد اكثر من عشر سنوات اعتقد ان العلاقة مع دول الخليج المنضمة الى المبادرة اصبحت أقوى وأعمق. وقال انه صحيح ان السعودية وعمان لم تنضما الى المبادرة لكنهما اصبحتا قريبتين من الناتو. وهناك محاولات مع السعودية وعمان للانضمام.