«أطماع الدول المجاورة» هذه هي العبارة المثيرة عادت الأسبوع الماضي لتظهر مجدداً في الساحل الغربي للخليج العربي، في موسم جديد، بعد أن اختفت أربع سنوات. وهذه العبارة يجري توظيفها، وتتحول إلى وهم وفوبيا لدى المواطنين، لكنها الدجاجة التي تبيض ذهباً لشبكات المقاولات الإعلامية على مدى نصف قرن.
في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، كانت عبارة «أطماع الدول المجاورة» هي القوت اليومي للمواطنين في الكويت وهي «الإبرة» التي كانت تحقنها شبكات الاستقطاب العربية الأيديولوجية ومقاولو هلاميات التنظير في المخيخ الجمعي لـ«الإنتليجينسيا» الكويتية. وكان مستفيدون يجرون شحناً يوميا للكويتيين بمخاوف من الأطماع السعودية في الكويت، وطبعاً لم تكن تلك الأطماع حقيقية وإنما اخترعتها القوى الأيديولوجية غير الكويتية التي كانت -باسم الديمقراطية والتقدمية وباسم الوطنية- تحاول عزل الكويت عن المملكة وعن محيطها الخليجي ثم اختطافها والسيطرة عليها، إلى أن جاء عام 1990 حينما التهم صدام حسين الكويت، هبت المملكة وعرضت نفسها للأخطار والابتزازات، من أجل تحرير الكويت وإعادتها كريمة معززة مستقلة إلى أهلها، بينما كان الرئيس العراقي، آنذاك، صدام حسين، يحاول التفاهم مع المملكة على تقسيم الكويت، لكن المملكة رفضت عروضه رفضاً قاطعاً. ثم اختفت العبارة «السم» تلك، لكن قوى شعوبية وحزبية جديدة تحلم، هذه الأيام، باختطاف الكويت مجدداً وتقديمها هدية إلى إيران، أعادت استخدام العبارة.
أيضاً عبارة «أطماع الدول المجاورة» عادت مجدداً في التصريح الذي أدلى به سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قبل الأسبوع الماضي، وقيل: إن التصريح «مفبرك»، وسواء كان التصريح صحيحاً أو مفبركاً، فقد عاد التصريح إلى «البضاعة القديمة» وهي «أطماع الدول المجاورة»، وهي عبارة مطاطة، وتوظفها قوى الشبحيات كلما أرادت اختطاف بلد خليجي.
حكاية الأطماع السعودية في الذهنية الخليجية هي وهم، يزرعه المستفيدون والمقاولون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون المشاءون بنميم، بينما الحقيقة، وكما أثبتت التجارب، هي أن كل دولة خليجية لن تتمتع بأي سيادة ولا باستقرار ولا بكرامة ولا بحضور دولي صحيح إلا بدعم المملكة، لأن كل البلدان الأخرى غير المملكة تطلب ثمناً مقابل دعمها لأي دولة خليجية، واحياناً يكون الثمن مذلاً ومهيناً، وإن قدمته منمقاً مزكرشاً، بينما لا تطلب المملكة إلا ان تكون الدول الخليجية بخير وسلامة وأمن واستقرار. وحكاية الأطماع هي فيروس خبيث اخترعه مقاولو الأمراض والفتن، لينشروه في أوساط وقلوب متوجسة بوهم قديم.
* وتر
هذه المراكب..
من أنفاس الخليج تنشد الدانة
وأغاني الـ«يا مال»..
وتتعطر بثرى نجد
وتعانق شاهقات السروات
ووادي العقيق المهيب
وتقطف من شمس كل الشروق
قبساً لإضاءة ليالي الحلم والبهاء.