DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

دور الخبرة الفنية في معاونة القاضي «2/3»

دور الخبرة الفنية في معاونة القاضي «2/3»

دور الخبرة الفنية في معاونة القاضي «2/3»
أخبار متعلقة
 
تحدَّثنا في المقال السابق عن بعض الجوانب النظاميَّة ذات الصلة بالخبرة الفنيَّة القضائيَّة، واستكمالاً لما سبق ذكره فإنَّ المحكمة تمتلك سلطة تقديريَّة تامَّة في تقرير اللجوء إلى الخبرة من عدمه، ولها مطلق الحريَّة في رفض طلب أي من أطراف الدعوى الاستعانة بخبير أو أكثر، طالما أسَّست رفضها على أسباب وجيهة ومقنعة تبرِّر هذا الرفض، حتى لا تكون قد أخلَّت بأحد أهم الحقوق والمبادئ، وهو حقّ الخصوم في الدفاع عن مصالحهم في الدعوى، إذ قد ترى المحكمة أنَّه لا حاجة إلى الاستعانة بخبير، وأنَّ الأدلَّة والمستندات المقدَّمة إليها والمتوافرة لديها كافية في حدِّ ذاتها للفصل والبتِّ في الدعوى. ولها كذلك أن تقبل تعيين خبير اتفق عليه الخصوم وأن تقرَّ اتفاقهم إنْ رأتْ أنَّ هذا الاتفاق يخدم سير الدعوى، ولها كذلك أن ترفض تعيين الخبير الذي اتفق عليه الخصوم، وأن تختار من تراه أهلاً للقيام بهذه المهمَّة، مع وجوب أن تبيِّن وتوضِّح السبب الذي دفعها إلى ذلك. وفي هذا الصدد نصَّت المادة (130) من نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/1) وتاريخ 22/1/1435هـ، على أنَّه: «إذا اتفق الخصوم على خبير معيَّن فللمحكمةِ أن تقرَّ اتفاقهم وإلا اختارت من تراه، وعليها أن تبيِّن سببَ ذلك». وتختلف الخبرة عن المعاينة، فالأخيرة تعني انتقال القاضي أو المحكمة إلى المكان المراد معاينته، فتتمُّ المعاينة أو النظر إلى محلّ النزاع أيًا كانت طبيعته سواء أكان منقولاً أم عقارًا كما هو عليه الحال بعين القاضي وليس بواسطة الخبير، متى كانت معاينته مطلوبة ومجدية، وعلى إثره يتم تحرير محضر بما اشتمل عليه هذا الواقع من أوصاف، وتتم المعاينة بناءً على طلب الخصوم، أو تقوم بها المحكمة من تلقاء نفسها. أما الخبرة فهي تُعتبر نوعاً من المعاينة الفنيَّة تتم بواسطة خبير أو مجموعة من الخبراء أو المختصّين ذوي الكفاءات والخبرات المتراكمة كلٌ في مجاله وتخصّصه، وهذه الخبرات التي غالباً تكون فنية أو هندسية أو محاسبية أو ما شابه لا تتوافر غالبًا لدى القضاة كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك في المقال السابق. ولا يقتصر دور الخبير عندَ حدِّ وصف الواقع وما اشتمل عليه من أحداث ووقائع وأوصاف وتدوين ذلك في محضر المعاينة، بل يمتد دوره ليشمل تكييف هذا الواقع وإخضاعه إلى وجهة نظره بحكم خبرته وتخصُّصه ثم إخضاعه إلى تقديره الفنيّ على النحو الأمثل. وجدير بالذكر أنَّ المعاينة التي يقوم بها القضاة أو المحكمة وما ينتج عنها من تقرير لا تعني عدم اللجوء إلى الخبرة، بل قد يرى القاضي في الكثير من الأحيان والوقائع بعد المعاينة ضرورةَ الاستعانة برأي الخبرة فيتخذ قراره بذلك، وعندها يتم اللجوء إلى الخبرة الفنيَّة لتؤدي ما يُسند إليها من مهام وأعمال. وعلى الخبير أن يحدّد تاريخ بدء العمل بما لا يتجاوز العشرة أيام التالية لتسلُّمه قرار التكليف، وعليه أن يبلّغ الخصوم في موعد ملائم بمكان الاجتماع وزمانه، ويجب عليه أن يباشر أعماله ولو في غيبة الخصوم متى تمَّت دعوتهم على الوجه الصحيح، وذلك وفقًا لما نصَّت عليه المادة (134) من نظام المرافعات الشرعيَّة. وأثناء ممارسة الخبير لأعمال الخبرة المكلّف بها، وبعد انتهائه منها، يلتزم بتحرير محضر يدوِّن فيه كافة البيانات والمعلومات والإيضاحات اللازمة من معاينة أو اطلاع على المستندات أو الأوراق، وما سمعه من أقوال الشهود ممن سعى لسماع شهادتهم من تلقاء نفسه لحاجة الخبرة إلى ذلك، أو كان قد قام بذلك بناءً على طلب الخصوم، علاوة على كافة التفصيلات الأخرى التي تمَّت أثناء قيامه بعمله مع بيان توضيح حضور الخصوم أو تغيبهم وذكر أقوالهم وملاحظاتهم، وتضمين التقرير النتيجة التي خلص إليها مع إبداء وجهة نظره، ثم يوقع على هذا التقرير ويقدمه إلى المحكمة التي ندبته للقيام بهذه المهمة. وفي هذا الصدد نصَّت المادة (135) من نظام المرافعات الشرعيَّة على أنَّه: «يعدُّ الخبير محضراً بمهمته يشتمل على بيان أعماله بالتفصيل وعلى بيان حضور الخصوم وأقوالهم وملحوظاتهم وأقوال الأشخاص الذين اقتضت الحاجة سماع أقوالهم موقعاً عليه منهم، ويشفِّع الخبير محضرَه بتقرير موقع منه يضمِّنه نتيجة أعماله ورأيه والأوجُه التي يستند إليها في تبرير هذا الرأي، وإذا تعدَّد الخبراء واختلفوا فعليهم أن يقدّموا تقريراً واحداً يذكرون فيه رأي كلّ واحد منهم وأسبابه». وسوف نكمل الحديث حول بعض الجوانب النظاميَّة الأخرى للخبرة في المقال القادم إن شاء الله تعالى.