تضحكني نكتة الزوج الذي ذهب للطبيب يشتكي له من ضعف السمع عند زوجته، فطلب منه الطبيب محاولة التعرف على درجة ضعف السمع لديها باكتشاف المسافة التي لا بد أن يقتربها من زوجته حتى تتمكن من سماعه.
عاد الزوج إلى المنزل ثم صاح عند المدخل «ماذا أعددت للعشاء الليلة؟» فلم يسمع ردا، فاقترب قليلا ووقف في الممر ثم نادى: «ماذا أعددت للعشاء الليلة؟» وللمرة الثانية لم يسمع ردا، فتقدم نحو غرفة المعيشة وهو يسأل عاليا، وكذلك لم يسمع شيئا، وأخيرا دخل للمطبخ واقترب منها تماما ثم سألها، «ماذا أعددت للعشاء؟» فأجابت دجاج، دجاج... ما بك؟
رابع مرة تسألني ورابع مرة أجيبك.
تقفز إلى ذهني هذه النكتة كلما سمعت أحدهم يشكو مشكلته من ذلك الآخر ولا يخطر في ذهنه مجرد احتمال أنه قد يكون هو سبب المشكلة. فبعض الموظفين يشتكي من تعسف مديره، والطالب يشتكي من صعوبة المدرس، والعاطل يشتكي من قلة فرص العمل، أمثلة شتى قاسمها المشترك هو لوم الطرف الآخر واستبعاد مسؤولية الذات والبحث الدائم عن مشجب مناسب لتعليق الموقف عليه مع ممارسة العزف على ألحان أغنية «ظلموه».
أصحاب حزب «ظلموه» يعتقدون دوما أن المشكلة في الخارج، ومفتاح التغيير ليس بيدهم بل مع الآخرين، وأن مقود التحكم خارج السيطرة، فهي دوما في انتظار المبادرة التي لا بد أن تأتي من الطرف الآخر أو الظروف الخارجية وتستهلك طاقتها في الشكوى والتذمر والتبرير للنفس ولوم الآخر، فلو تغير الآخرون أو اختفوا من الوجود لانحلت المشكلة. يتقن أصحاب حزب «ظلموه» لعبة دفاعية اسمها «انتقاد الأوضاع» وتكون ردة فعلهم تجاه أي مشكلة استكشاف عيوب الآخرين، أما مراجعة الذات فأمر لا حاجة لهم به.
أصحاب هذا الاتجاه في التفكير أناس خاملو الفاعلية، غارقون في ممارسة دور الضحية وعاجزون عن تحقيق السيطرة الشخصية، التي تستلزم تنمية توجه عقلي يجعلنا مسؤولين عن إدارة ظروفنا واتخاذ القرارات في مواجهة التحديات. الكثير منا ما زالوا مستمرين رغم الكبر في ممارسة الاستجابة الطفولية للمثيرات الخارجية، حيث كنا نبكي كلما أردنا انتباه الآخرين لتلبية طلباتنا، ونضرب الباب لأنه السبب في ارتطامنا به، ونشكو سوء نوايا كوب الحليب لأنه قصد بانسكابه أن يلوث ملابسنا.