من المتوقع أن يكون غدًا السبت هو أول أيام شهر رمضان المبارك من العام الهجري 1438هـ، وبهذه المناسبة أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو ولي ولي العهد وسمو أمير المنطقة الشرقية وسمو نائبه ولكافة أفراد الأسرة الحاكمة والشعب السعودي الكريم بحلول شهر رمضان الكريم، تقبل الله منا جميعًا صيامه وقيامه. ومن المؤكد أن سلوكيات الإنسان المسلم تتغير وتتبدل مع حلول شهر رمضان الكريم ويأتي تغير وتبدل هذه السلوكيات نتيجة مباشرة للجو الروحاني والإيمانية لهذا الشهر الكريم.
مع مطلع شهر شعبان الجاري ندعو لبعضنا بأن يبارك الله لنا في شعبان وأن يبلغنا رمضان، ويأتي رمضان ونبارك لبعض في الشهر وندعو لبعضنا بأن يتقبل منا الأعمال، ثم يمضى الشهر سريعًا حتى نبارك لبعض في العشر الأواخر المباركات وتمضي هي الأخرى كسابقاتها من الأيام، ويجيء العيد ونعيش أفراحه ونبارك لبعضنا البعض بأن يتقبل الله منا صالح الأعمال وأن يعيد علينا هذه المناسبات السعيدة أعوامًا مديدة بحوله وقوته.
كم مر علينا من رمضان ونحن نجتمع على مائدة الإفطار مع أفراد عائلاتنا طيلة أيام الشهر الكريم في جو روحاني تحفه الروحانية العائلية العالية، والذي أجاد كل فرد من أفراد العائلة دوره في الخدمات المجانية التي لن تجد في هذا الكون أحدًا يقدم مثلها بدون مقابل، فالأب هو لاعب الوسط المميز حيث يقف على حافة السفرة ذات المساحة الشاسعة البيضاء والذي يراقب تلاشي البياض على سطح السفرة كلما تقدم الوقت وخفت ضوء الشمس وهي تودع شبابها الملتهب فأحدهم يسرع إلى إحضار العصائر وآخر يهرول لاختطاف الفطائر الساخنة ليضعها في مكانها المناسب وآخر يحاول أن يجد طريقًا سهلًا ومختصرًا في الممر الضيق إلى المطبخ للفوز بحمل طبق السمبوسة الأكلة الرمضانية المفضلة هذه روحانية رمضان.
رمضان مدرسة في تعلم سلوكيات التعامل وأهمها الصبر، فلا يمكن أن ينجح أي عمل حتى نعبر من بوابة الصبر، هذه الثروة الأخلاقية التي نكتشفها في ثنايا هذا الشهر الكريم ونعيش لذتها في كل يوم من أيامه تتوحد فيه نشاطاتنا مع غروب شمس كل يوم ومع أذان كل فجر، تسكن فيه أرواحنا بقراءة القرآن، وتتحسن فيه أخلاقنا وسلوكياتنا بلطائف القصص والمواعظ، ويشرق الحب في قلوبنا وتذوب مع حرارته كل الضغائن والأحقاد، وتهبط المشاعر إلى أرض واقعنا بعد أن حلقت بعيدًا في زمن الماديات التي تحجر فيها كل شيء في حياتنا، وتسمو بها أنفسنا بعد أن أحبطتها مجريات حياتنا المعقدة، ويأتي رمضان كورشة عمل واختبار حقيقي لسلوكياتنا وأخلاقنا، وفحص شامل لكل محركاتنا من الداخل والسؤال المهم الذي يدور في ذهني وفي أذهانكم أحبتي هو: هل أخلاقياتنا في الأحد عشر شهرًا المتبقية من كل عام كأخلاقياتنا في رمضان؟!