زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التاريخية إلى المملكة، تأتي بعد سنوات من فتور العلاقات بين الدولتين، إبان إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، الذي كاد أن يكلف أمريكا حلفاءها الحقيقيين في المنطقة، بعد أن راهن على حصان خاسر هو إيران. ولذلك حظيت هذه الزيارة باهتمام سياسي وإعلامي غير مسبوق، خلال الأسبوعين الماضيين، بحثا أو (نبشا) عن دلالاتها السياسية بالدرجة الأولى، ودلالات كونها الزيارة الخارجية الأولى للرئيس ترامب، وما ينطوي عليه ذلك من عودة المياه إلى مجاريها، وإلى عودة العلاقات بين الحليفين التاريخيين إلى حالتها ما قبل إدارة أوباما. بطبيعة الحال، فقد أربكت هذه الزيارة وتوقيتها وأجندتها المناوئين للمملكة وسياساتها لحساب سياسات إيران ونواياها في المنطقة وفي الدول العربية التي وضعها حكم الملالي على خارطة الثورة الخومينية. وهذا الإرباك مرده أن الثقل الدولي لأمريكا والثقل الإقليمي للسعودية إذا اجتمعا فإن النتيجة ستكون قصقصة الأجنحة الإيرانية الممثلة في الأذرع والميليشيات التي تزعزع استقرار الإقليم وتبث سموم الطائفية بين مكونات شعوب المنطقة. وهذا ما لا تريده إيران أو بالأحرى ما لا تتوقعه بعد أن فضحت سرها وتخلت عن تقيتها، حين أعلن أكثر من مسؤول في النظام الإيراني، تعويلا على الخط المفتوح مع الإدارة الأمريكية السابقة، أن إيران أصبحت حاكم الإقليم المطلق المتحكم بأربع عواصم عربية، بينما عواصم أخرى، كما بدا من صلف الحرس الثوري، في الطريق. ولذلك كان من البديهي، بعد أن أعلن عن الزيارة وحجمها، أن يجن جنون الإعلام الإيراني ويجن أكثر من ينضوون تحت هذا الإعلام من عرب الخيانات، لأن ذلك يعني أنهم سيحشرون في زاوية دولية وإقليمية ضيقة جدا، بعد أن تعزلهم نتائج هذه الزيارة وقممها الثلاث، التي سيكون من بين أكبر وأهم نتائجها تأكيد التحالفات التقليدية بين أمريكا والسعودية ودول الخليج، وكسب تأييد عربي وإسلامي، بل وتأييد غربي كامل لهذه التحالفات، التي ستتعامل هذه المرة مع استحقاقات مختلفة، تفرضها مواجهات لا بد منها مع الإرهاب ومع إيران التي تسببت لوحدها بكل هذه الاضطرابات.