قبل الانتخابات الأمريكية الأخيرة، راهنت بعض الأطراف المعادية على اتخاذ الإدارة الأمريكية الجديدة في حال نجاح ترامب مواقف سياسية معادية للمملكة وللقضايا العربية، بل وعدم إمكانية التقاء مصالحها مع مصالح هذه الأطراف، وقد تعززت أوهام هؤلاء عند صدور قانون جاستا، حيث أخذوا يروجون لانعكاسات هذا القانون على المملكة وما يمكن أن يكون له من آثار سلبية على مواقفها وعلى قوتها الاقتصادية واستثماراتها الخارجية، مع أن القضاء الأمريكي نفسه قد برأ المملكة من هذه الأحداث.. لكن الذين تعززت لديهم هذه الأوهام لم يدركوا أن دولة كبرى كالولايات المتحدة الأمريكية تحكمها مؤسسة ديمقراطية توجه الدفة السياسية حيث تتحقق مصالح هذه الدولة وتعرف ما هي الأطراف الدولية المؤثرة التي لا يمكن أن تتجاهل السياسة الأمريكية وجودها، بل ويجب أن تعمل معها لتحقيق مصالح الولايات المتحدة وتحقيق الأمن والسلم الدوليين. أما ما يهدد السلم العالمي من أخطار تتضح يوما بعد يوم أنها تتمثل في الإرهاب وفي الدول الداعمة له المستفيدة من وجوده وهي نفس الدول التي تتمنى سوء العلاقات الأمريكية مع العالم العربي ومع المملكة خصوصا، وإلى جانب المصالح الأمريكية التي تقتضي إقامة أوثق العلاقات مع المملكة فقد نجحت القيادة والدبلوماسية السعودية خاصة من خلال زيارة سمو ولي ولي العهد في جعل الإدارة الأمريكية تعيد دراسة موقفها بعناية بالغة، لتدرك بما ليس فيه مجال للشك أهمية المملكة في المنطقة وقيادتها للعالمين العربي والإسلامي، وأن تحقيق السلام ومكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم بمعزل عن السعودية ومشاركتها، بل والاتفاق معها على مواجهة أي خطر آخر يتمثل في الأطراف التي تؤجج نيران الصراعات وتشكل خطرا على دول المنطقة، بتدخلها السافر في شؤون دول، وأن من صالح الولايات المتحدة المحافظة على صداقتها التقليدية للمملكة والتي بدأت منذ عهد الرئيس ترومان والملك عبدالعزيز. إن مشاركة ما يزيد على خمسين رئيس دولة في القمم الثلاث التي ستشهدها الرياض، تؤكد موقع المملكة القيادي في العالمين العربي والإسلامي، لا سيما وأن هذه الدول هي الأكثر تأثيرا، وهي قادرة أن تقدم ما يمكن أن يحقق المصالح المشتركة لدول المنطقة والولايات المتحدة الأمريكية، لذلك فإن من المؤكد أن تكون نتائج هذه القمم ذات تأثير كبير في سير الأحداث، وفي الجهود الهادفة لوضع حد للإرهاب ولمحاولات التدخل التي تقوم بها قوى إقليمية، وتحجيم دورها العدواني وحسم القضايا التي تقلق الدول المشتركة في القمة والولايات المتحدة أيضا، كما أن العلاقات السعودية الأمريكية بل والعلاقة بين الولايات المتحدة والدول العربية والإسلامية كافة سوف تشهد بالتأكيد تحسنا ملموسا، يعزز ليس الشراكة الاقتصادية فقط بل شراكة الجانبين في تحقيق الأمن والسلم في المنطقة وفي العالم بأسره- إن شاء الله-.