اتصل علي أحد المعلمين قبل أيام يشتكي من الضغوط الكبيرة التي يعاني منها هو وزملاؤه، إذا أرادوا إبراء ذممهم وإصدار قرار بقاء الطالب غير المستحق في صفه لسنة أخرى كونه لم يتقن المهارات اللازمة لتجاوز المرحلة التي يدرس فيها!
هذه الضغوط تأتي من ولي الأمر وحتى بعض الزملاء، فليس من المعقول أن يقف المعلم حجر عثرة في طريق الطالب، محطماً نفسيته ومدمراً مستقبله، من وجهة نظرهم!
المشكلة الأولى في هذا الطرح والأخطر تتمثل في: الجرأة على التفوه به، ففي هذا الرأي دليل واضح على البعد الشاسع بين فهم بعض أولياء الأمور لكيفية بناء مستقبل أبنائهم، وبين الفهم الحقيقي والسليم!
والمشكلة الأخرى أن من تعوّد على «التنجيح» أو «الدف» كما يسمى، سيستمر بحاجة إلى «التنجيح» و«الدف» في كل سنة من سنوات دراسته، فكل مرحلة مبنية على ما قبلها، وبالتالي يكون عالة على غيره طوال عمره!
والمشكلة الثالثة: أن شهادة المدرسة التي يبذل من أجلها ولي الأمر الغالي والنفيس، ويرجو فلان وعلان ليكذب على نفسه بكون ابنه من الناجحين، لا تكفي وحدها، فشهادة الثانوية العامة التي هي ختام حصاد التعليم العام، لا تشكل إلا 30% من النسبة الموزونة عند التقديم على الجامعات، بل إن النسبة المتبقية (70%) يحتاج تحصيلها إلى طالب متقن لسنوات دراسته في التعليم العام، لا طالب «منجّح بالدف»، وقد يقع هذا الطالب في صراع وألم، عندما تكون نسبته «المدفوفة» في الثانوية العامة 95% بينما في اختبار القدرات لم تتجاوز 60%! فتصبح نتيجة الثانوية العامة وبالاً عليه بدلاً من أن تكون في صالحه!
ألم يكن من الأفضل للأب بدل أن يبذل جهده في المكان الخطأ، أن يقوم بالعمل الصائب، فيتعاون مع المدرسة في الرقي بمستوى ابنه الدراسي، من خلال الحرص على دراسته ومتابعتها –حتى ولو كان بمتابعة المعلم- أولاً بأول، حتى ينجح الابن ويتقدم بلا كذب، ولا منّة من أحد؟!
عزيزي الأب، عزيزتي الأم، عزيزي المعلم، عزيزتي المعلمة!
لنحذر من الكذب والتمثيل وشهادة الزور، مع ضرورة بذل الجهود قبلها حتى لا نصل إليها، ولنراهن على ما سيقوله أبناؤنا عنا عندما يكبرون وتنضج عقولهم!