في بحر الأيام القليلة القادمة سيكون العالم على موعد مع التاريخ، الذي امتد منذ ١٤فبراير١٩٤٥م عندما التقى المؤسس -غفر الله له- الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مع فخامة الرئيس الامريكي فرانكلين روزفلت في البحيرات المرة، كانت تلك إرادة، ورؤية المؤسسين من الجانبين السعودي والامريكي التي انتجت مسيرة من التحالف الاستراتيجي الراسخ الذي بُني على الصدق والصراحة والاحترام. اليوم وبعد هذا التاريخ تعود المسيرة لتعزيز عرى التعاون والصداقة عبر العمل الجاد في محيط الثنائية السعودية الامريكية، وما يتعلق بها من ترتيبات تعيد مواقف الشركاء إلى سابق عهدها، وتؤسس لمستقبل اكثر ثقة واستقرارا.
زيارة فخامة الرئيس الامريكي للمملكة المنتظرة تشغل حيزا من اهتمام المحليين والمهتمين بالشأن الدولي وليس هناك مبالغة إذا قلنا إنها تشغل العالم، من الامور المهمة لقراءة ذلك الحدث في رأينا، التركيز على ثلاثة عناصر جديرة بالتحليل، العنصر الاول ما قبل الزيارة وما يصاحب ذلك من التحليلات والتوقعات بتطابقها مع تحركات وتغيرات على ارض الواقع في مسار السياسة الدولية والإقليمية. أما العنصر الثاني فيتمحور حول مضمون الزيارة والملفات التي ستكون بين أيدي المجتمعين في الدائرتين الأولى والأهم الدائرة السعودية الأمريكية والتي سيكون للشأن الثنائي نصيب كبير في تثبيته وتعزيزه وإزالة ما لحق به من تشوهات في المرحلة السابقة. وفي العنصر الثالث يتركز العملان الإقليمي والدولي حول قضايا المنطقة والعالم المرتبطة بالتوجهات العليا لقطبي اللقاء المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية. وهي كما تبلورت في الآونة الاخيرة تأتي في ثلاث حزم رئيسة. الحزمة الأولى مكافحة الإرهاب، ومن المؤمل أن يكون هناك اتفاق سعودي امريكي في هذا الميدان، من حيث أُطر التعاون والتأسيس لعمل ثنائي اقليمي دولي يحد من آفة الارهاب عالميا. وهذه الجزئية في تفصيلاتها تتوجه إلى ارهاب المنظمات الخارجة على القانون الدولي والمهددة لأمن وسلم المجتمعات المعاصرة، علاوة على ارهاب الدول الذي يجد التغذية والدعم والتوجية من بعض اعضاء الاسرة الدولية، وهنا ستتوجه اصابع الاتهام -بدون مواربة- إلى دول بعينها على رأسها إيران، التي تساهم بسلوكها السياسي والعسكري السلبي في المنطقة وربما في العالم بتعكير اجواء السلم والأمن الدوليين، وتقويض مبادئ وأعراف القانون الدولي بسلوكها التوسعي التفتيتي لمضامين الدولة والنظام في المنطقة. مقاربة هذين العنصرين الجوهريين يقود بطريقة آلية إلى عنصر مهم وهو اعادة الامن والسلم الدوليين إلى العالم وهذه مسؤولية صعبة وكبيرة وتحتاج الكثير من العمل ويترتب عليها ازالة مصادر التوتر والاحتقان وإخماد بؤر الصراع المشتعلة في المنطقة وفي العالم وحل القضايا المحورية ذات الأبعاد التاريخية، «القضية الفلسطينية» نموذج. العالم في هذه المرحلة مقبل على تغير حقيقي، يرسمه الأقوياء والقادرون على الفعل والمبادرة. من الجانب السعودي الذي طالما كان له رؤية ثابتة حول مجمل هذه القضايا، والجانب الأمريكي الذي تتطور تفضيلاته السياسية الإقليمية والدولية بصورة إيجابية ملموسة. وكل ذلك يتحقق في الرياض حيث يُصنع التاريخ.