رجل «فوق العودة»، وأعلى من الاعتيادات، حينما كان صحفيا، ومسئولا ورئيسا تنفيذيا، وأيضا في مجلس منزله، وفي قلبه وشخصيته، بل هو تاريخ وسجل من الزهو، له وطن من المفاخر، وبمثله لنا وطن من الشموخ.
في الذاكرة الجمعية تتشكل صورة الأشخاص، وتنسج من أعمالهم وتصرفاتهم وأساليبهم وأنفاسهم التلقائية غير المصنعة، وغير تلك تتلوى بها ألسن المتزلفين وخبراء العلاقات العامة أو التي تزيف وتحرف الكلم عن مواضعه.
لا أحد يستطيع خلق صورة خاصة وهاجة لنفسه لدى الناس سوى تلك التي تعبر عنها الروح ويحسها الناس ويرسمونها صورة في الذاكرة بكل طيف الألوان.
حينما يعرض اسم فيصل الشهيل، سوف ينهر في الذاكرة فيض من الروعة ونهر من الوفاء، وصورة بهاء لم يهندسها كما يريد، بقدر ما جاءت أكثر مما يتمنى، هي «صورة» حية ترسم تقاطيع لواعجه وتفكيره وبذله وعطاءه، بالقول والعمل،، منذ كان شابا يافعا وطالبا وموظفا ثم مسئولا قويا أمينا فذ البصيرة وصلد الصبر وطويل الأناة.
واستمرت الصورة تشكل ألوانها، عبر السنين، والظروف والمناسبات إلى أن انتجت فيصل الشهيل، رجل مجتمع يتفرد بالهمة والندى، كريم المعشر وقلب فياض واسع، يضفي مودته على كل أحد تقريبا.
هو ليس نفيا من الأرض، ولم يأت من عوالم بعيدة، هو غرس في ثرانا الخالد ونبته، لهذا ليس وحيدا، لكنه ينضم إلى قائمة الخالدين الذين أشرقوا في هذه الأرض ونثروا بهاءهم، وتجاوبهم أرض الوفاء فخرا بفخر وضياء بضياء.
لا نستطيع أن نكتب عن مشاعرنا الفياضة، عن رجل كريم أحبنا فأحببناه، لكنه، نذكره كي يمتد عطاؤه إلى نفوس جديدة.
يتعين أن يستلهم، كل المسئولين، وكثيرون آخرون، الدرس والمُثل، أن هيبة فيصل الشهيل التي يحتفي بها المجتمع، ليست المنصب، ولا الوظيفة الرفيعة، بل هي الخلق الرفيع، أغلى الكسب وأثمن الهدايا، وما يعتلج في روحه منذ كان موظفا مبتدئا إلى أن أصبح يملك قلوب ملايين، بينما كثيرون غيره، شغلوا مناصب أعلى، وجنوا ثروات أكثر، هم الآن ليسوا أكثر من دخان، إذ ابتليوا بالغرور والأنانية وحشف الكيل، فجنوا هباء منثورا، وما كان عليهم جناح، ولا بئس ولا ضراء، لو أنهم اتقوا وتواضعوا، وأرهفوا مسامع الود وما مالوا كل الميل إلى النفس الأمارة بالسوء.
التكريم لفيصل الشهيل، ليس إلا مبادرة رمزية من المجتمع، لتكريم أجل وأكثر فخرا وخلودا، وهو صورته في قلوب الناس وأذهانهم. وذلك الفوز العظيم، أبا منصور.. ذلك الفوز العظيم.
■■ وتر
أرض الشاهقات ومد البيد..
تعانق شموس الأمجاد..
وزهوها أنفة الرجال،
أقمار الليالي..
الصابرون في البأساء والضراء وحين البأس
إذ ينسجون من أنفسهم مداد العُلى..
وبهاء الوطن، وفخر المعالي.