يقول جدي -رحمه الله- (لا طبنا ولا غدا الشر)، ويقصد بذلك أن كل الشكاوى والتذمرات والعلاجات حيال أمر يهمه لم تفد في شيء، أي أن هذا المثل يضرب للتعبير عن الحالة التي تصيب من يبذل كل جهده وأكثر من جهده ثم ينتهي به الأمر إلى فراغ. أمس كانت حفلة صاخبة على جسر الملك فهد، حيث وصل طابور السيارات الراجعة من هناك إلى تقريبا بوابات الخروج البحرينية. وبينما كانت الحفلة تزداد صخبا ووجعا، بحثت أنا وغيري عن مهرب لنعود أدراجنا إلى البحرين من جديد منتظرين الفرج من المولى. لست أفهم لماذا يمكن أن تجمد السيارات في مكانها على الجسر بهذه الصورة المأساوية، حيث بقينا أكثر من ساعتين في حدود مسافة لا تتجاوز عشرين مترا، ثم بقينا في المتر الأخير ثابتين في أماكننا لنصف ساعة تقريبا إلى أن وجدنا ذلك المخرج أو ذلك المهرب ليلغي بعضنا فكرة العودة من أصلها. وقد خطر في بالي وأنا أرى طابور السيارات المتوقفة والمتوهجة تحت الشمس لو أن حادثة حريق، لا قدر الله، حصلت لإحداها كيف سيتصرف من يزرعون الناس كل هذا الوقت في هذه الحدود والمسافات التي يحدها البحر من كل اتجاه. هنا الأمر لا يتعلق فقط بمرور الناس بسرعة وسلاسة كما يفترض، بل يتعلق بسلامتهم من مخاطر محتملة لا بد أن تؤخذ في الاعتبار. أما إذا سألتموني عن حال الناس، فحدث ولا حرج، فهناك من ترك سيارته مع أطفاله؛ بحثا عن دورة مياه. وهناك من نزل يبحث عن شربة ماء له أو للصغار والكبار الذين معه. ولا بد أن هناك عجوزا أو مريضا تعب من طول الوقوف والانتظار. ومع ذلك يبقى الوضع على ما هو عليه؛ إذ لم تفد كل صرخاتنا ومناشداتنا!