لا تختلف شوارع مدننا من حيث السوء بعد كل عملية لإعادة السفلتة. ومن زار أو تجول في أحياء أي مدينة، يدرك أن الحال المائل هو العامل المشترك بينها. فكم من شوارع أمسينا وهي بحلة جميلة، فإذا بنا نصبح وهي مشوهة، ترهق الناس وتهدر المال العام وتحيل مركباتهم لورش الصيانة أو «لملاجئ» التشليح. أحيانا أتخيل، بأن المقاولين الذين تتعاقد معهم الجهات صاحبة الخدمة، مثل: الكهرباء، والمياه، وشركات الإتصالات، هم من «فاعلي الخير»، يقدمون خدماتهم بالمجان ولوجه الله تعالى، وليسوا شركات ربحية تدخل المنافسات وتستعجل في الحفر لتحصل على دفعاتها الأولى، ثم تنسى الشارع بمن فيه. وإذا ما أعيدت السفلتة بعد طول انتظار، فهي تعاد وفق أسوأ جودة يقبلها رجل الشارع، فما بالك بمهندس أمضى سنوات طويلة قبل أن يحمل شهادته الهندسية. لن يحتاج أي مسؤول لجهد خارق؛ كي يشاهد مثل تلك المواقف المؤلمة، فيكفيه جولة قصيرة على أقرب حي شهد تمديدا لأي من الخدمات؛ ليرى بأم عينيه كيف شوه هؤلاء المقاولون شوارعنا، وكيف حولوا القيادة في طرقنا لما يشبه سباق الهجن صعودا ونزولا. في ظل النظام المعمول به حاليا، حيث تقتصر مسؤولية المقاول على إعادة الجزء الذي تم حفره «فقط»، وفي ظل الآلية المتبعة، وتعدد الجهات ذات العلاقة، وتخاذل المهندسين المشرفين، وضعف الرقابة، وانعدام المساءلة، فإن استمرار هذا الوضع سيصبح أمرا واقعا لا يمكن تبديله. لقد حان الوقت للتشدد مع المقاول الذي تتعاقد معه تلك الجهات، فإما أن يكون عمله احترافيا وبالشكل الذي كان عليه الشارع قبل الحفر، وإما أن تحجز مستخلصاته ويحرم من الدخول في أي منافسة قادمة. ولكم تحياتي