DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

العهد الجديد وسياسة الحماية والانعزال

العهد الجديد وسياسة الحماية والانعزال

العهد الجديد وسياسة الحماية والانعزال
أخبار متعلقة
 
مصطلح الحمائية (Protectionism)، مصطلح لم يسمع به إلا القلة قبل الآن، حتى بدأ ينتشر مع حملات الرئيس الامريكي دونالد ترامب الانتخابية، هذا المصطلح الذي عمل به الرئيس الأمريكي فور استلامه الرئاسة، كان أحد الاسباب الحقيقية وراء فوزه، فهو رجل أعمال ويعيش في وسط السوق ويدرك جيدا ما يدور هناك من حلول واقعية، حتى إن هذه المعالجات الشديدة باتت مطلبا شعبيا بعد أن أصبح السوق الامريكي مستهدفا من قبل الاسواق الصاعدة (الصين، الهند، كوريا الجنوبية، البرازيل) التي تغرقه، ولكن لماذا كانت المحافل الاقتصادية تسعى لمحاربة الحمائية؟ المصطلح الجديد-القديم، على خارطة الاقتصاد العالمي يعرفه (قاموس المعجم الوسيط للغة العربية) بأنه يعني: «فرض الحكومة لرسوم جمركية أو نظام الحصص على الواردات بقصد حماية المنتجات المحلية من المنافسة العالمية». وهو بلغتنا البسيطة يعني سياسة حماية تتبعها الدولة للحد من الاختراق الخارجي لسوقها المحلية، وتقويض السلع والمنتجات الاجنبية المستوردة التي تزاحم المنتجات المحلية وتساهم في كسادها، هذه السياسة تحمي بالذات الدول الصناعية، -لمن قرأ مقالي السابق عن مراحل روستو-، هي العودة للمرحلة الرابعة والتوقف عندها، فنحن في أزمة اقتصادية أثرت على الدول المصنعة بالذات، مما عرض صناعاتها الصغيرة للمخاطرة على إثر منافسة شرسة، وهي بالطبع تتنافى مع سياسة منظمة التجارة العالمية واتفاقيات الجات وفتح الاسواق والاتفاقيات التبادل التجاري الأخرى. المثير في الأمر ليس بحث الدول عن مصالحها، فهو حق ليس مشروعا بل مطلوبا، ولكن تقلب السياسات الامريكية الى النقيض، أجد بها نوعا من الفجاجة، فعلى سبيل التذكير فإن امريكا هي من قادت اتفاقيات التجارة الحرة واتبعت سياسة السوق المفتوحة في بلداننا، وهي من تبنت المناطق الحرة فيها وشرعت الاسواق للدخول إليها، وأسست لحكم التجارة دوليا عبر جملة اتفاقيات «حرة» للتجارة في العالم، وها هي تتنصل من تلك الاتفاقيات ومن المبادئ التي أسست عليها من نشر السلام وحقوق الانسان. الملفت أن هذه الاتفاقيات التي جرت خلفها بالذات الاسواق الصاعدة معتبرة السوق الامريكية هدفا لمرمى منتجاتها، ووافقت على جميع الشروط التي سبقت الاتفاقيات حتى تلك الشروط التي تتدخل بشكل مباشر في شؤونها، ولكن على ما يبدو فإن الرابح لم تكن السياسة اليوم بل الاقتصاد، وهذا ما فطنت له أمريكا مؤخرا، فتلك الاسواق الصاعدة التي حمت سوقها من أي اختراق لحين الاعتماد على نفسها، ونجحت في اغراق السوق الامريكي بمنتجاتها التي تهافت عليها الامريكان بسبب الاتقان والرخص، تسبب ذلك في أن يصاب الاقتصاد الامريكي بمأزق لم يخرج منه بعد. ليس سهلا التحول من سياسة الى نقيضها، لقد أمضينا أكثر من جيل نربي السوق على سياسة الانفتاح مع العالم الخارجي، وتقبل اتفاقيات التجارة الحرة وإعداده ليكون كذلك، وتقبل الاتفاقيات الدولية التي تملى علينا بهدف جذب الاستثمارات الاجنبية، ووضع لوجستيات وايدلوجيات مهيئة لتكون سوقا استهلاكية اجنبية والسماح للدول القوية التحكم في ايدلوجياتنا وقوانينا وتشريع قوانين مطابقة لما يضعونه لنكون قالبا مصغرا يستسيغه المستثمر الاجنبي، ما حدا بهم التدخل حتى في أصغر الشؤون الداخلية، على الرغم من التحفظات على هذه السياسة لا سيما ونحن اسواق نامية لم تتطور بعد، ولم نعد انفسنا للمنافسة بعد. ها نحن اليوم نسعى لنتحول لدول تحمي اقتصادها، عبر فرض الضرائب على المستوردات ما سيترتب عليه تقليل نسبة الاستهلاك والواردات وتقليص حجم السوق بالتالي، ولا أعلم إن كان ذلك سينطبق على الاستثمارات الاجنبية أم لا في مراحل متقدمة، في حال اتجهت الدول الصناعية لتلك السياسة؟. الخطوة الامريكية والتأييد الكامل لها من قبل الدول الصناعية وعزمهم على المضي والاستعاضة بها في الخطط القادمة قد تعرض التجارة العالمية لنكسة حقيقية وتقدير تدفق السيولة وتقويضها والمساهمة بالتالي لعزل الاسواق، وأحسب أن الهدف الرئيسي منها هو وقف زحف الاسواق الصاعدة كما أعلن عن ذلك الرئيس الامريكي ترامب، الذي قاد انقلابا في السياسة الأمريكية سينعكس سلبا على التجارة الدولية وبالتالي العالم، فالمعنى الحقيقي للحمائية هو المضاد التام والكلي لاتفاقيات التجارة الحرة، فمن كانت تتزعم بالامس تلك السياسة حتى استقوت الدول النامية وتحصنت وخرجت من شرنقة المحلية وباتت امريكا سوقهم العالمية حتى وجدت امريكا نفسها في مواجهة مع المنتجات القادمة من تلك الدول التي تعلن استقلالها عن الدول المتقدمة وتتقدم بخطى ثابتة، لا مناص من مواجهتها بسياسات تنقلب حتى مع مؤسسيها الامريكان. تتسم سياسة الحمائية والحماية بالانانية المفرطة وهذا الامر قد ينسحب على سياسات البلد وتوجهات حُكمه الامر الذي يخافه مؤسسو منظمة التجارة الدولية من أن يسوء الأمن الدولي أكثر ونعود على أعقابنا إلى سنوات قبل التحالفات الدولية لتجد الاسواق الصغيرة نفسها مستعمرات.