DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

لجان المراجعة.. رؤى ومقترحات (2من2)

لجان المراجعة.. رؤى ومقترحات (2من2)

لجان المراجعة.. رؤى ومقترحات (2من2)
أخبار متعلقة
 
إكمالاً لما ذكرته في المقال السابق من طرحي لبعض الرؤى والمقترحات - من واقع الخبرة العملية والأكاديمية لي كمحامٍ وأستاذ قانون - والتي يمكن أن تساهم في قيام لجان المراجعة بدورها المنوط بها على أكمل وجه، فإني أجملها في هذا المقال فيما يلي: أولاً: الاستقلال: من المتقرر أن المحك الحقيقي لقيام لجنة المراجعة بدورها المنشود يكمنُ في التطبيق الفعلي لمهام وواجبات هذه اللجنة، ولن يتم ذلك إلا إذا توافرت قدرات لدى أعضائها تُمكنهم من بسط رقابتهم على جميع القوائم المالية التي تصدرها الشركة وعلى رأسها الميزانية، وذلك من خلال استقلال أعضاء اللجنة وهم بصدد أداء واجباتهم المكلفين بها. وعليه فإني أرى أن اشتراط لائحة حوكمة الشركات السعودية لتشكيل لجنة المراجعة من غير أعضاء مجلس الإدارة التنفيذيين فقط، يعتبر اشتراطا قاصراً، ولا يحقق هذه الاستقلالية المطلوبة لأعضاء لجنة المراجعة، ومن الأفضل أن يشترط في أعضاء اللجنة أن يكونوا من أعضاء مجلس الإدارة المستقلين (وليس غير التنفيذيين) لأن العضو المستقل يتميز عن العضو غير التنفيذي بشروط الاستقلال وصفات غير التنفيذي، فيُعدُّ المستقل غير تنفيذي ولا يُعدُّ غير التنفيذي مستقلاً. وتهدف شروط الاستقلال إلى معالجة تعارض المصالح على صعيد مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وتحمي عضو اللجنة من أي إجراءٍ تعسفي قد تقوم به الإدارة في حالة وجود خلاف بينه وبينها حول المسائل المتعلقة بعملية إعداد القوائم المالية. لكن يجب أن يُؤخذ في الاعتبار أن العضو المستقل جرى اقتباس تعريفه من قوانين دول يصلح فيها تطبيقه لكنه لا يتوافق مع واقع البيئة المحلية حيث جاء في تعريفه أنه: «الذي ليس له صلة قرابة من الدرجة الأولى مع أي من أعضاء مجلس الإدارة في الشركة أو توابعها أو مع كبار التنفيذيين في الشركة»، وتم تعريف الأقرباء من الدرجة الأولى بأنهم «الأب والأم والزوج والزوجة والأولاد». وهذا يُعدّ قصوراً في الاستقلال إذا ما نظرنا لواقعنا الذي يتميز بقوة العلاقات والروابط الاجتماعية والقبلية، مما يُعدّ معه اعتبار خرق الاستقلال مقصوراً على القرابة من الدرجة الأولى فقط أمرا غير منطقي، إذ بذلك يتم استبعاد الأخ وابن العم وابن الأخ وغيرهم ممن يشهد الواقع بحصول الكثير من المخالفات والتجاوزات والانتهاكات التي تقدح في الاستقلال بسبب العلاقة بهم. وفي اعتقادي أنه لا بدّ لحصول الاستقلال بشكل مرض أن يتصل المنع إلى القرابة حتى الدرجة الرابعة كما هو الحال في نظام المحاسبين القانونيين. بل هناك اقتراح أجود في تشكيل لجنة المراجعة، ستكون نتائجه أفضل بكثير من المقترح السابق إن أمكن تطبيقه، وهو ألا يكون أعضاء لجنة المراجعة من أعضاء مجلس الإدارة بالكلية، وذلك لأن كونهم من أعضاء مجلس الإدارة هو في الحقيقة أمر سلبي نظراً لأن فيه تكرار لجهة الرقابة وتضارب في المصالح الشخصية مع مصلحة الشركة. فإذا كان ولا بدَّ من وجود بعض أعضاء مجلس الإدارة ضمن أعضاء لجنة المراجعة فعلى الأقل ينبغي ألا يكونوا أغلبية في اللجنة. أما عن مواصفات هؤلاء الأعضاء الخارجيين فالواجب أن يكونوا من الأشخاص المؤهلين كأساتذة الجامعات والمحاسبين القانونيين وغيرهم ممن يضفون تنوعاً مفيداً لدى تشكيل لجنة المراجعة. ويُضاف لهذا الاقتراح اقتراح آخر وهو الإلزام بنشر أسماء أعضاء لجنة المراجعة مقترنةً بخبراتهم وشهاداتهم العلمية والمهنية وذلك عند ترشيحهم أو عند نشر القوائم المالية للشركة في نهاية العام وذلك ليتسنى للجميع الاطمئنان على قوة تأهيلهم وكفاءة قُدراتهم. ثانياً: التعيين: صحيحٌ أن طريقة تعيين أعضاء لجنة المراجعة وتحديد مدتهم وأسلوب عملهم يكون من الجمعية العامة لكافة المساهمين استناداً على اقتراح مجلس الإدارة، إلا أن تعيين أعضاء لجنة المراجعة فعلياً يكون من قبل مجلس الإدارة نفسه، وهنا يكمن الخلل- من وجهة نظري- حيث إن ذلك قد ينافي الحياد والنزاهة فيها من خلال احتمالية سعيها لتحقيق رغبات مجلس الإدارة أو التغافل عن كشف مخالفات وأخطاء تضع مجلس الإدارة في موقف محرج أمام المساهمين. وترتيباً على ذلك أقترح إيجاد آلية لتعيين أعضاء لجنة المراجعة بعيداً عن تحكم مجلس الإدارة بذلك. ثالثاً: الكفاءة: من الطبيعي لزوم أن يتمتع بعض أعضاء لجنة المراجعة بالكفاءة العلمية والخبرة العملية في الأمور المحاسبية والمالية لتحقيق الفاعلية في أدائها، وخروج ما يصدر عنها من تقارير متسقا مع المعايير المحاسبية السليمة، وهذا ما نصت عليه لائحة الحوكمة السعودية في المادة (14/أ) بأن يكون من بينهم مختص بالشؤون المالية والمحاسبية، إلا أن هذا النص- من وجهة نظري- فضفاض ويمكن الالتواء عليه نظراً لتعميمه، وذلك أنه لم يبيّن درجة الاختصاص المطلوبة، ولو أحال على الأقل في معايير هذا الاختصاص على قواعد الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين لكان أفضل وأكمل. رابعاً: بذل العناية اللازمة: مطلوب من العضو بذل العناية اللازمة في أدائه داخل اللجنة، وذلك من خلال تواجده بشكل دوري في الشركة ومعايشة الأحداث والمشاكل وحضور الاجتماعات الدورية. لذلك فإني أرى أهمية بلورة تصوّر أوضح وأدق لمهام لجنة المراجعة، من حيث تحقيق أقصى درجات الاستقلال المطلوب لأعضائها، وتعداد الحد الأدنى لاجتماعاتها الدورية في السنة المالية الواحدة، مع توثيق نتائج هذه الاجتماعات، هذا بالإضافة إلى رفع كفاءة أعضائها فيما يخص الأمور المالية والمحاسبية عن طريق دورة قصيرة إلزامية معتمدة من الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين، وذلك كله مبتغاه تحقيق الأمل المنشود من إنشاء هذه اللجنة، وهو قوائم مالية صحيحة تعبّر عن مركز الشركة المالي بصورة حقيقية. خامساً: المرجعية المباشرة للمراقب المالي الداخلي ومثله المراجع الداخلي: من خلال التجربة الواقعية ومن خلال حديثي مع بعض الزملاء من ذوي المناصب التنفيذية في الشركات، اتضح لي الخطأ في جعل مرجعية المراقب المالي والمراجع الداخلي إلى المدير العام بحكم أنهما موظفان لدى الشركة، حيث إن فيها تعزيزا لقدرة المدير العام على التحكم والضغط عليهما من خلال ما يملكه الرئيس على المرؤوس من ترقيات وإجازات ونحوها، مما يجعلهما ينصاعان لأوامره ويتغاضيان عما يريد تمريره. علماً بأن هذا منصوص على منعه في دول أوروبا المتقدمة كفرنسا وغيرها، وبالمقابل لا يوجد منعٌ له من المنظم السعودي، ولذلك فإني أؤكد على أن المنظم السعودي لو اشترط أن تكون مرجعية المراقب المالي والمراجع الداخلي إلى لجنة المراجعة أو مجلس الإدارة مباشرة، وتم تطبيق ذلك، لانكشف الكثير من الفساد الذي تمارسه بعض الإدارات التنفيذية للشركات.