من راقب استبشار الناس، بعد صدور الأوامر الملكية الأخيرة، يلاحظ أن هذا الاستبشار لم يكن متعلقا فقط بعودة العلاوات والبدلات ومميزات الموظفين لما كانت عليه قبل إيقافها، بل إن الأمر تجاوز ذلك إلى حالة استبشار وفرحة شعبية عامة بزراعة وجوه شابة، في الثلاثينيات والأربعينيات، في مختلف المناطق والوزارات. هذا يعني أن المملكة تتجاوز -بشجاعة وقدرة واضحة- عادة عربية مستحكمة في قصر الوظائف القيادية على كبار السن، الأمر الذي لم يعد في عالم اليوم ممكنا أو مبررا بعد أن سجلت قيادات شابة عالمية وإقليمية حضورا كبيرا ومؤثرا في مسارات دولها ومجتمعاتها. نحن إذن، بقيادة شابة للرؤية ومفاصل التنمية، بإزاء مرحلة سعودية جديدة لا تفقد احترامها (للشعر الأبيض) وتفتح، في الوقت ذاته، طرق العمل والإبداع والفرص واسعة أمام جيلين من الشباب هم جيل الأبناء والأحفاد. وهذا ما يثير الاطمئنان بأن بلادنا تستجيب لمقتضيات العصر وتستثمر طاقات الشباب وحماسهم وسرعتهم في هذه الاستجابة الضرورية، وفي التغيير والتأثير بشكل عام. لذلك، لعل من المفيد أن أقترح على سمو ولي ولي العهد أن ينظم في المملكة مؤتمر الشباب السنوي، الذي يجمع خبرة وتجارب الشيوخ إلى تطلعات وحماس الشباب، ويطرح ويناقش العديد من طموحاتهم وقضاياهم ومبادراتهم. كما يحتفي ويكافئ المبتكرين والمبدعين منهم، سواء في مواقعهم القيادية الحكومية أو في القطاع الخاص وريادات الأعمال ومبادرات الفعل الاجتماعي المؤثر. وأظن أننا، من خلال هذا المؤتمر، سنعظم من فرص جاهزية دولة الشباب للمستقبل القريب والبعيد، لا سيما وأن هذا المؤتمر سيؤشر إلى مجموعة من الشباب اللامعين والموهوبين الذين يمكن وضعهم على مسار التنمية الاقتصادية والمجتمعية وتمكينهم، في الوقت المناسب، من قيادة وتشغيل قطاعاتها.