الإعلام الفاسد هو الذي يثير الفتن والمشكلات بين الدول وداخل الدولة نفسها وبين مكوناتها وأطيافها. والإعلامي الفاسد هو الذي يحمل رسائل من هذا النوع تُجْهز على كل ما من شأنه التقريب بين الدول والشعوب والأفراد داخل أي مجتمع. في عالمنا العربي كثير من (الفاسدين) إعلاميًا الذين يتكسبون بأصواتهم على حساب استقرار دولهم وجيرانهم ومجتمعاتهم من أجل مصالح شخصية بحتة تتاح إما من خلال التربح (القذر) على أساس ما اسميه الصوت المؤجر لمن يدفع أكثر، أو على أساس استغفال الجماهير المغيبة التي تطبل لكل من يبدو (وطنيًا) ومزايدًا أكثر من غيره، وبالتالي يحقق هذا الإعلامي المُستغفِل صعودًا إعلاميًا مشبوهًا وخطيرًا في آن. هناك حراج عربي للأصوات العربية الإعلامية القابلة للتوظيف والمستعدة لتأليف قاموس هائل من الشتائم والدناءات دون أدنى اعتبار لخطورة ما تفعله على استقرار دولها ومجتمعاتها قبل دول ومجتمعات الآخرين. ولو أنني أحصيت لكم أمثلة على هؤلاء الإعلاميين وقواميسهم ما وسعتني كل صفحات هذه الصحيفة، خاصة وأن (المؤجرِين) لأقلامهم وأصواتهم في ظل الكرم الإيراني أصبحوا أكثر من الهم على القلب. ما بين الدول العربية الكبرى والصغرى الشيء الكثير مما تلتقي عليه في هذا الوقت وتحت وطأة هذه الظروف الدولية والإقليمية الصعبة، لكن ترسانات الإعلام المتربص، داخلها وخارجها، تحاول باستمرار أن تعتم على مناطق الالتقاء والمودات والمصالح الممكنة بين هذه الدول. وهذه هي الغاية الكبرى للإعلام العربي الفاسد الذي لم يعد يستحي أو يخاف أو يداري سوءاته وأصواته المنكرة. الغاية لهذا الإعلام هي أن تظل الدول العربية مختلفة ومتناحرة؛ لكي يتمكن عدوها من نشب أظافره في جسدها الواحد. وسيظل هذا الإعلام موجودًا برموزه وأجنداته وما نعول عليه هو وعي وحكمة الأنظمة السياسية في دولنا التي لا بد أن تدرك غايات الإعلاميين الفاسدين وتفوت عليهم فرصة الإيقاع فيما بينها وتهديد مصالحها المشتركة. في هذه الحالة فقط ستظل القافلة العربية تسير بينما الكلاب تنبح ثم تئن وتسقط ميتة.