لم يحدث مطلقا ومنذ عهد الملك المؤسس- رحمه الله-، أن ربطت المملكة علاقاتها الخارجية بهذه الدولة أو تلك بنوعية الأنظمة، ومن يحكم هنا أو يحكم هناك، كانت العلاقة التي تبني عليها المملكة ولا تزال علاقاتها بالآخرين هي أولا الشراكة في رفض الإرهاب، أوالعدوان على الآخرين، ثم المصالح المشتركة، ذلك لأنها ترى أن أي سياسة تقوم بعيدا عن هذين العنوانين إنما هي سياسة انحياز، وهي الدولة التي أبت إلا أن تنحاز للحق، ولرفض لغة الإرهاب واغتصاب الحقوق. وحينما ابتعدت إدارة الرئيس أوباما بعض الشيء عن الخط التصاعدي للعلاقة بين البلدين، إزاء انشغالها في ما سماه البعض بترويض السلوك الإيراني، لم تحاول المملكة رغم ضخامة مصالحها المشتركة مع الولايات المتحدة، لم تحاول أن تتنازل عن خطها استرضاء لسياسات أوباما التي لا تتفق مع منهجها، حتى أن البعض ظن أن علاقة البلدين قد بلغت منعطفا خطيرا قد تكون تبعاته فك التحالف الإستراتيجي بين البلدين، لكن المملكة التي لا تراهن على العناوين الثابتة في سياساتها، ظلت توضح للجانب الأمريكي أن من يرعى الإرهاب، والمنظمات الإرهابية لا يمكن أن يكون شريكا، ولا أن يكون قابلا للترويض، وبالتالي فلن تتخلى إيران عن سلوكها مهما كان حجم التنازلات التي تقدم لها، ويبدو أن الوقت لم يسعف الإدارة الأمريكية السابقة لإدراك هذه الحقيقة رغم كل المؤشرات التي تؤكدها، لتأتي إدارة الرئيس ترامب وتعيد الأمور إلى ما كانت عليه، حيث التنسيق على أعلى المستويات بين الرياض وواشنطن كحليفين إستراتيجيين في الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، وزيارة معالي وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس مؤخرا للمملكة، ولقائه خادم الحرمين الشريفين- أيده الله-، ثم ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والتفاهمات المشتركة على مواجهة الإرهاب، والتصدي للسلوك الإيراني في المنطقة، كل هذا ما هو إلا تأكيد على عمق الشراكة بين البلدين، وإيمان الإدارة الأمريكية بالدور الاستثنائي الذي تقوم به المملكة لحماية أمن الإقليم، والسلم الدولي؛ كونها تمثل الثقل الفاعل في تثبيت الأمن، ومواجهة الطموحات غير المشروعة للأنظمة المنفلتة؛ مما دفع إدارة الرئيس ترامب لمعاودة تجديد أواصر الشراكة بمثل هذه الزيارة شديدة الأهمية، والتي سيكون لها بالتأكيد ما وراءها في سبيل حماية السلام.