المراقب للجرائم التي ترتكبها داعش (أو تنسبها إلى نفسها)، سوف يؤمن أن إبراهيم البدري البغدادي، خليفة داعش المزعوم، ليس متطرفاً دينياً وليس معنياً بأي دين أو خلق أو حرمات، إنما هو «آلة» استخبارية مصممة بذكاء لترويع الآمنين من كل ملة، مسلمين ومسيحيين وبوذيين وإيزيديين، عدا إيران وتكفيرييها الصفويين.
أوباش البغدادي اقتحموا كل حدود وكل حرمات من ستوكهولم وباريس ولندن وأورلاندو وكانبيرا حتى القاهرة والرياض ومكة المكرمة، وعشرات المدن الأخرى، لكن بقيت إيران آمنة لا تمس، رغم أن الحدود الإيرانية تمتد لآلاف الكيلومترات ويخترقها كل أنواع المهربين والمسلحين والعصابات والخارجين على القانون، بل إن كثيراً من أتباع البغدادي الأجانب يمرون عبر إيران ويلقون عليها التحية، طبقاً لجوازات استعرضها الجيش السوري الحر.
العبقرية الاستخبارية الإيرانية تمكنت من مصادرة لبنانيين من طوائف عديدة، ليكونوا رهن إرادتها، حتى أن عرباً لبنانيين (وغير لبنانين) مسلمين ومسيحيين يساريين علمانيين قوميين عروبيين تطوعوا أن يكونوا خدماً لنظام الخامنئي الثيوقراطي الكهنوتي العنصري الفارسي. ويا للدهشة، يمجدون العلمانية والقومية ثم يفيضون على الخامنئية وحرسها هالات من التبجيل الفياض.
العبقرية الاستخبارية الإيرانية تمكنت من تحقيق إنجازات أكبر من علمانيين يصفقون لنظام كهنوتي، إذ نجحت في «تصنيع» منظمة إجرامية سنية، اسمها «داعش» وبخطط إيرانية ناجحة هيأت لها سبل التمكن منذ أن أطلق رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي (الذي لم يكن ولا يزال لا يتصرف إلا بأوامر إيرانية) مئات من الدواعش من سجن ابو غريب بحجة الهجوم على السجن وتهريبهم، وفتح لهم طريقا وحيداً إلى سوريا، لتشكيل منظمة إرهابية، لكن لا الأسد ولا حرس إيران ولا حزب الله ولا ميليشيات طهران المتعددة الجنسيات مست داعش بسوء، سوى مناوشات للتعمية، بل نمت تجارة رابحة بين داعش والنظام مما حدا بالدول الغربية إلى ايقاع عقوبات على رجال أعمال تابعين للنظام يتبادلون التجارة مع داعش. والأرجح أن إيران، بطريقتها، زينت، عام 2014، للمنظمة اجتياح الأراضي العراقية. وأيامها أمر قادة الجيش العراقي المرتبطون بإيران، نحو ستين ألفاً من الجنود العراقيين بالاستسلام لثلاثة آلاف داعشي، والهرب وترك أحدث المعدات العسكرية الثقيلة الحديثة، دبابات ومدافع وصواريخ، هدية لداعش. وحاول عراقيون مخلصون إجراء تحقيق في الهدف من استسلام الجيش العراقي وتسليم الأسلحة لداعش، ويا للعجب، الاذرع الإيرانية في العراق منعت إجراء التحقيق، ربما كيلا تتكشف اللعبة، التي كانت تخطط لتهميش الجيش العراقي وتأسيس ميليشيات الحشد الشعبي المرتبطة مباشرة بإيران لتكون بديلاً للجيش العراقي. وهذا ما حدث بالضبط، ولو لم يستسلم الجيش «العراقي» في الموصل لما تأسس الحشد الشعبي «الإيراني». ما يعني أن دور داعش أن ترتكب الجرائم وإيران تحصد الثمار. وتر
الرافدان وغوطة الشام
توأما العرب ولؤلؤتا التاج..
مواعيدهما مواسم الضوء والألق
إذ البهية تكتب بأطراف رمشها التاريخ..
وزلال الماء..
وبأساهما المحارق..
إذ الأوباش الغلاظ المدججون بالبغضاء
وبالبنادق..
ويحيلون بهاء البساتين رماداً للمحارق.