استراتيجيات النصر والنجاح وتحقيق الطموح واحدة في جميع المجالات، قد تختلف في بعض التفاصيل ولكن المبدأ العام واحد وهو الوصول إلى الأهداف وملامسة النجاح، ففي العسكرية يتم التخطيط للنصر ولا يمكن تحقيقه دون خطة واستراتيجية تستوعب كثيرًا من المتغيرات، وكذا في النشاط السياسي والاقتصادي والتنموي والإداري، ولعالم الإدارة بيتر دراكار كثير من الفلسفات التي تعزز القيم الإدارية المثالية والناجحة، ولا تختلف عما وضعه عباقرة القادة العسكريين الذين حققوا انتصاراتهم لأن القاعدة الحاسمة في هذا السياق هي أن النصر أو النجاح لا يأتي إلا الى أكثر الناس إيمانا به.
تطور علم الإدارة جاء من خلال تسوية ومعالجة المشكلات التي تجعل منظومة الإدارة تمضي نحو غاياتها بسلاسة ومرونة، لأنه من خلال الخبرات التراكمية أمكن تجاوز التحديات، سواء بتشابه بعضها ووضع استراتيجيات التعامل معها أو القدرة على ابتكار الحلول وتوقع الإشكاليات المحتملة ووضع تصورات واقعية لمعالجتها منعا لأي ارتباك في طريق النجاح وتحقيق الأهداف، لذلك تدرجت النظم الإدارية بتفصيل قياسات محددة للمسؤوليات والمهام؛ تجنبا للازدواج الذي يمكن أن يربك المسيرة الإدارية.
الهرم الإداري العصري أصبح واضحًا ويحتاج فقط للمهنية والاحترافية في ضبط المعايير والقيام بالمهمات على الوجه الأكمل، طالما توفرت الخريطة الذهنية للعمل الإداري، ويدعمها وجود أهداف استراتيجية ينبغي الوصول إليها بأقصر الطرق وأقل الجهد والوقت، وقد تكون هناك ضرورة لجهد أكبر ينبغي الاستعداد له بحسب الموضوع الإداري، وخلال تلك المنظومة فإن أحد أهم الأدوار الإدارية فيها هو الإدارة التنفيذية التي تعتمد عليها كبريات الشركات والمؤسسات في إنجاز أعمالها وتنفيذها بالصورة النموذجية التي تم التوافق عليها بعد اجتماعات ودراسات دقيقة.
الإدارة التنفيذية تمثل قلب الهيكل الإداري وعينه في التجسيد البسيط لمعنى الإدارة المعاصرة، إذ أنها معنية بالتخطيط والتنظيم والتنسيق والمراقبة بالدرجة الأولى، وهي مهام تمثل حجر الزاوية المفصلية في أي هيكل إداري عصري، أي أن نجاح الاستراتيجيات يتوقف على دور الإدارة التنفيذية التي تقع في منطقة وسطى بين الإدارة العليا والإدارية، وذلك يعني ربطًا كثيفًا ومستمرًا لكامل الجسد الإداري، خاصة إذا تمت إضافة توقع المشكلات وابتكار الحلول لها، وقراءة المتغيرات وتوجيه بوصلة المنظومة الإدارية للمسارات الأفضل باتجاه الأهداف.
تعقيدات عمل الإدارة التنفيذية تجعلها مطالبة بمزيد من الحرص على نجاح إدارة الشركات والمؤسسات، لأنها المسؤولة بصورة نهائية عن أي إخفاق في التخطيط، وقياس نجاح أو فشل أي منشأة يرتكز على فعالية هذه الإدارة، التي يبدأ عملها منذ مرحلة التخطيط وانتهاء بالمراقبة والتحقق والتأكد من قيام الإدارات واضطلاعها بمهامها بما يوصل الى تحقيق الأهداف، فالرقابة والتدقيق والمراجعة جزء أصيل من مهامها، تعزيزا للجودة الإدارية وتقليص النفقات وأوجه الصرف وصولا الى ميزانية مثالية وأرباح تعتبر الهدف المتميز لأي أداء إداري يدفع المنشأة باتجاه المستقبل في طريق ممهد تعمل عليه الإدارة التنفيذية وتسعى اليه بكل جهدها وطاقتها الفكرية والعملية.