كتبت عدة مقالات عن المالديف والاستثمار فيها سواء كان في المجال الاقتصادي أو حتى في مجال التعاون الامني ومكافحة الارهاب، الا ان تصريح رئيس المالديف عبدالله يمين بأن «المملكة أبدت رغبتها في استثمار 10 بلايين دولار في عدد من المشاريع الضخمة التي سيتم إنشاؤها على هذه الجزر» أثار كثيرا من الاهتمام الاعلامي. فالصفقة كما يذكر بيان الرئاسة المالديفية جزء من «برنامج أكبر ومتعدد المراحل وتبلغ الاستثمارات فيه مليارات الدولارات» بهدف بناء مشاريع سكنية وتطويرية على أعلى مستوى، إلى جانب مراكز للاستجمام السياحي ومطار.
ويرى كثير من المراقبين أن الهدف الذي تسعى السعودية من وراء عقد هذه الصفقة بالإضافة الى الاستفادة من الفرص الاستثمارية في قطاع السياحة في هذه الجزر كما ذكرت في مقال سابق، من خلال رؤيتها 2030، هو تأمين المجرى التجاري المشترك بينها وبين الصين بالمحيط الهندي من مخاطر الإرهاب وحوادث القرصنة التي تقع لبعض السفن المارة عبر ذلك الطريق التجاري الهام. فالسفن المحملة بالنفط السعودي تمر في طريقها للصين على سلسلة من الجزر المرجانية البالغ طولها 8920 كيلومترا. وبالتالي فالسعودية تسعى ان يكون لها قاعدة في جزر المالديف تمكنها من حماية الطرق التجارية التي يمر من خلالها نفطها الى الصين. وهذا يعني أن الجزر سوف تحوي بالإضافة الى المشاريع التجارية عددا من المنشآت الاستراتيجية المهمة.
كما يرى كثير من المراقبين أن هذه الاتفاقية الاقتصادية الهامة التي تسعى السعودية الى عقدها سوف تعمل على ارتفاع كبير في نسبة التبادل التجاري بينها وبين الصين خاصة فيما يتعلق بنقل النفط والغاز وكذا بعض البضائع الأخرى.
تجدر الاشارة الى ان السعودية تعتبر أهم الشركاء التجاريين بالنسبة للصين، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 390.3 مليار دولار منذ 2004 إلى 2013. فقد اشترت الصين 14 في المائة من صادرات السعودية في عام 2013 مقارنة بنسبة 5.5 في المائة قبل عشر سنوات. بينما بلغ حجم الاستثمارات السعودية في الصين 30.61 مليون دولار. وبلغ حجم الاستثمارات الصينية في السعودية في 2014 نحو 730 مليون دولار. أما في مجال النفط فتعتبر السعودية أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين، حيث تصدر السعودية للصين 1.6 مليون برميل من النفط في اليوم، أي 20% من إجمالي واردات الصين من النفط. كما تشكل السعودية حصة 46% من اجمالي واردات الصين القادمة من دول الخليج. ولتعزيز وجودها في الصين، افتتحت شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية) في عام 2012 مقرها الإقليمي في العاصمة الصينية بكين بالإضافة لمقرّين مساندين في كلٍ من شنغهاي وزيامين. وفي حفل الافتتاح أكد عبدالرحمن الوهيب، النائب الأعلى للرئيس للتكرير والمعالجة والتسويق، على أهمية الصين الاستراتيجية وان المقر الجديد سيكون ركيزة مهمة لتعزيز العلاقات بين البلدين.
ويرى بعض المراقبين أن هذه الاتفاقية الاقتصادية الهامة إن تمت فسوف تعمل على تغيير موازين القوى بمنطقة المحيط الهندي.