ركزت معظم خطابات القادة العرب في قمتهم الثامنة والعشرين، التي انعقدت الاربعاء على ضفاف البحر الميت في المملكة الأردنية الهاشمية، على استعراض قضايا الأمة ابتداء بقضية القضايا والقضية المحورية، قضية فلسطين، وتباعا الأزمات في كل من سوريا واليمن والعراق وليبيا، وقضية الإرهاب، وقد جاء الخطاب في هذه القضايا على عدة مستويات عطفا على المواقف السياسية المسبقة لكل دولة، مما دفع البيان الختامي ليختار اللغة الوسطى التي تحاول استرضاء كافة الأطراف دون أن تثير أي طرف، مما أفقد مقررات القمة القوة المطلوبة في ايصال الرسائل إلى من يجب أن تصل إليهم، وخصوصا الطرف الإيراني الذي يقف خلف معظم القضايا بتدخله السافر في الشأن العربي عسكريا وسياسيا ومخابراتيا.
المملكة هي الدولة الوحيدة التي واجهت ولا تزال تواجه المشروع الإيراني علنا نيابة عن الأمة كلها، ولذلك كان من الواجب أن تبدأ مقررات القمة من هذه النقطة بكل وضوح لتوصل الرسالة واضحة وبلا أي مواربة للنظام في طهران بأن الأمة العربية تقف صفا واحدا في مواجهة التدخلات الإيرانية، وأنها تحملها مسؤولية كل ما يحدث في سوريا واليمن والعراق، وما يجري من استفزازات للبحرين، لأن نظام الملالي لا يجيد كما يبدو قراءة الرسائل الضمنية، أو أنه يتقافز فوقها، أو يتعامى عنها، لذلك كان من الواجب أن توجه له القمة رسالة واضحة وصريحة تعلن فيها الموقف العربي الموحد من دوره التخريبي، وهذه هي نقطة البدء الحقيقي والعملي للتلاحم العربي، لأن وحدة الأمة لن تتأتى في مثل هذه الأجواء الملبدة بالنزاعات والحروب التي أشعلتها إيران، ما لم تصلها الرسالة بلسان عربي مبين، يقطع عجمة خطابها، ويشعرها أن الدول العربية ما عادت تقف على مسافات وأبعاد متفاوتة، وإنما تقف على خط واحد خلف المملكة التي قطعت الطريق على انتشار وتوسع مشروعها في اليمن كما أوضحت كلمة الرئيس عبد ربه منصور هادي، والذي أشار إلى إيران بالاسم ربما لأن بلاده تتعرض للأذى الإيراني مباشرة، وبالتالي فلا مناص من تسمية الأشياء بأسمائها. وإجمالا فإن ما يحسب لقمة عمان التي تجنبت نقاط الخلاف سعيا لتقريب وجهات النظر أنها وفرت المجال للقاءات الثنائية للم الشمل، وهو ما يمكن أن يعول عليه لاحقا في قراءة الواقع، واتخاذ المواقف الحاسمة إزاءه.