يعرف الناس وبشكل تلقائي أن المقصود بالحديث عن المليون شهيد هي البلاد الجزائرية، وفي ذهنية بعض الجزائريين لا يزال هناك كثير من الاعتزاز بهذه الصفات والمعاني. من أبرز الأمور اليوم في الجزائر صحة فخامة رئيس الجمهورية السيد عبدالعزيز بوتفليقة الذي نسأل الله له الشفاء والصحة. والرجل رمز جزائري وسياسي ودبلوماسي عربي له مكانته المرموقة، تقلد العديد من المناصب في بلاده منذ الاستقلال في العام 1962 وخاض غمار الرئاسة لاكثر من فترة اخرها الفترة الرابعة الحالية والتي بدأت في العام 2014 والتي ظهر فيها لرجل شفاه الله يدلي بصوته في الانتخابات وهو على كرسي متحرك، وكانت هذه إشارة إلى أن المرض لا يميز بين الناس. قصة مرض السيد بوتفليقة قديمة بدأت في العام 2005 عندما نُقل لاول مرة لتلقي العلاج في أحد المستشفيات الفرنسية، ثم تتابعت نوبات المرض التي صاحبها التقدم في السن حيث إن الرجل مولود في العام 1937، وأصبحت ظاهرة الزيارات الدورية للرئيس للخارج لتلقي العلاج، هذه الحالة خلقت جوا من الوجوم على المناخ السياسي في البلاد، وفتحت الأبواب للتخمينات حول صحة الرئيس، وحول طبيعة مرضه، ولعل الناس أعرف أنه في مثل هذه الحالات يشعر الشعب بشيء من التخوف الممزوج بالتعاطف مع قيادتهم ورأس السلطة في بلادهم وهذا أمر طبيعي لشخص بتاريح ابو تفليقة وطبيعي أيضا في مجتمع عربي يعلي من شأن العاطفة وتمتزج لديه كثير من المعاني بصورة متداخلة كحب الارض والبلاد والدولة والقيادة.
وفي مثل هذه الحالات يكون هناك نشاط غير مألوف لجهات وأجهزة صديقة ربما غير صديقة للجزائر أو لأي دولة تمر بهذه الظروف، مهمة هذه الأجهزة الحصول على المعلومات الحقيقية عن صحة الرئيس، وحقيقة المرض الذي يعاني منه، وأهم من ذلك استشراف مستقبله الصحي، لان ذلك يُبنى عليه في العادة قراءات مستقبلية لكيفية تطور الاوضاع ومآلاتها من حيث الشخصيات المتوقعة لشغل أي فراغ، والطريقة التي ستتم بها معالجة ذلك الأمر، والقوى الحقيقية التي تسير كل ذلك.
العالم السريع الحركة اليوم، والإعلام الذي أصبح مهتما بتفسير كل شيء تقريبا للناس لم يكن بعيدا عن ما يحدث في الجزائر، ولا عن موضوع صحة فخامة الرئيس واصبحت هناك اخبار شبه مطردة حول هذا الامر في الصحافتين العربية والعالمية، وهذا امر طبيعي؛ نظرا للموقع المهم الذي تشغله البلاد الجزائرية في المنطقة العربية وفي العلاقات المغاربية الاوروبية ونظرا لاهمية الجزائر الاقتصادية.
وتنقسم المتابعات الاخبارية في هذا الميدان بين مسارين.. الأول وتطغى عليه عملية الاثارة التي تصل إلى حد ترويج اشاعات واخبار غير دقيقة ففي الأسابيع الماضية دأبت بعض المواقع الاخبارية على تكرار خبر وفاة الرجل، والتأكيد على انه شبه متوفى، وان بدنه يعمل بالآلات الطبية، وعملية تنفسه تتم بشكل كامل بالأكسجين الصناعي. وان قلبه ينشط باشارات كهربائية.
مواقع أخرى حاولت التأكيد للقراء أن الرجل فارق الحياة، وان الجهات الرسمية في البلاد الجزائرية تتحين اللحظة المناسبة لإعلان الأمر.
على المستوى الشخصي، أسأل الله الصحة والعافية لعبده عبدالعزيز بوتفليقه، هذا السياسي والدبلوماسي العربي من الطراز النادر، وأذكر نفسي وغيري بأننا كلنا ميتون، ومات أفضل منا صفوة الخلق الرسل والأنبياء، والجزائرون يدركون ما أقول أكثر مني كما أدرك أنا وغيري أن البلاد الجزائرية ولادة، وكما قدمت الشهداء لن تعجز عن إنجاب الرؤساء.