التساؤلات عن تحلية مياه البحر.. التفكير بأهميتها.. الحقائق البيئية.. ضرورة التساؤلات.. نهدر الماء ونبحث عنه.. قبل قرن كان هناك مجاعة في بعض أجزاء البلد.. تضرر الناس.. موتا أو هجرة.. المجاعة انحباس ماء.. لا هجرة أو موت مع الماء.. حضارات قامت على الماء.. أخرى تلاشت بسبب الجفاف.. القلق على الماء قلق مشروع.
¿¿ البيئة الجغرافية للمملكة معروفة.. كذلك البيئة الجيولوجية.. كل شيء مرصود علميا، ومحسوب ومسجل.. التوزيع البيئي للسكان عبر التاريخ مؤشر.. وحتى عام (1970)، بداية خطة التنمية الأولى، كان التغيير بطيئا.. حسن الإدارة الشعبية للبيئة كانت السند الأقوى للحياة.. الصحاري والواحات بمناطق الصخور الرسوبية.. الجبال والأودية بالمناطق المطيرة.. المناطق الجنوبية الغربية كانت تحتل الصدارة بعدد السكان.. ذلك مؤشر مائي مهم.. مؤشر لم يوظف ولم يؤخذ في الاعتبار.
¿¿ جاءت الطفرة بعد حرب أكتوبر عام (1973). ارتفعت أسعار البترول.. زادت الأموال.. تسارع التغيير.. حدثت الطفرة.. نقلت البلاد والعباد الى وضع رغد العيش.. هل اختل التوازن؟! تحقق في سنوات ما كان يجب تحقيقه خلال قرون.. كان الرهان على القيم الإسلامية كمصدر لمواجهة سلبيات التغيير المفاجئ.. نجح الرهان.
¿¿ تحولت المملكة لورشة عمل عالمية.. تم تسخير أموال النفط للبناء والتعمير والتطوير.. هذا يعني ضرورة الاستعانة بالشركات الأجنبية، رغم العلم بأن لكل تغيير محاذيره.. شركات لديها الخبرات، والتقنيات، ونحن لدينا الأرض والمال.. جاءت تحلية مياه البحر في هذه الظروف الاستثنائية، كغيرها من المشاريع.
¿¿ هل كانت التحلية ضرورة؟! طرحي للأسئلة لم يتوقف خلال العقود الماضية.. شغل الماء حياتي العملية.. كنتيجة تثور الأسئلة.. تتعالى الملاحظات.. يتعاظم القلق المشروع.. اقنص مؤشرات الرصد والبحث وجمع المعلومات.. يأتي التحليل بالاستنتاج والإجابة.. وجدت تحلية مياه البحر نفق ترف دخلناه دون ضرورة.. لماذا كانت التحلية أصلا؟! من يملك الجواب والمبررات؟!
¿¿ أعود للكتابة عن التحلية، محذرا ، بسبب تبني التوجهات السابقة بأن التحلية خيار إستراتيجي من قبل وزارة البيئة والمياه والزراعة.. كثيرون يقولون أن أن التحلية خيار إستراتيجي.. ولماذا؟! سنة بعد أخرى أزداد قناعة بوجود مغالطات.. قناعاتي لنفسي.. لكن أطرحها للتفكير والتأمل.. فقد تعطي بعدا غائبا أو مغيبا عنوة.
¿¿ حاليا أعمل لتوثيق ما أدعيه في كتاب قادم عن التحلية.. إذا كانت التحلية توفر فقط 40 بالمائة من مياه الشرب.. بها أصبحت المملكة الأكبر عالميا في التحلية.. بإنتاج لا يزيد عن 1.4 مليار متر مكعب سنويا.. بتكلفة 24 مليار ريال.. هل تستحق هذه الكمية المحدودة من الماء كل هذا الجهد والعناء؟! يحصل هذا في الوقت الذي يتم فيه استنزاف حوالي (20) مليار متر مكعب سنويا من المياه الجوفية على الزراعة.. السؤال هل غصت المياه الجوفية بتوفير 1.4 مليار متر مكعب؟!