بعض المديرين والموظفين يعيشون وسط كذبة كبيرة، وإن لم يصحوا من غفلتهم فستكون صحوتهم الإجبارية، بالتقاعد الأول من الوظيفة أو بالتقاعد النهائي من الحياة، وبدون أي أثر!
هؤلاء الكاذبون على أنفسهم تجد أدراج مكاتبهم مزدحمة بالخطط الاستراتيجية والتشغيلية والمشاريع الورقية، التي أُخرجت في أجمل صورة، بعد أن صرفت عليها مبالغ طائلة، وبُذلت من أجلها جهود مضنية، ولكنك عندما تأتي إلى الواقع لا تجدها حاضرة أبدا! بل هي شاهد عدل على خلل مسيرتهم وزيف ما يدعونه!
يضعون اللجان لحل المشاكل أو لتطوير الأداء، فتظل هذه اللجان تجتمع وتجتمع بلا أي نتيجة! ولو سألت أي عضو من أعضاء هذه اللجان، ما دورك في اللجنة الموقرة؟! لقال: هاه! هاه! لا أدري! بينما هو أمام الآخرين يستعرض بقدراته، وبوجوده ضمن هذه اللجنة التي يعلم قبل غيره أنها بلا عمل حقيقي! ولكن من عاش في الزيف لابد أن يكون مُزيفا!
لا يُقربون حولهم إلا من يثني على إبداعاتهم وتميزهم حتى ولو لم يكن يملك من القدرات إلا تزيين الكذب، أما من يريد النصح والتوجيه فهذا غير مرغوب فيه حتى ولو قدم نصيحته بأجمل أسلوب، فالصدق يفضح ظلمات الكذب ويبددها، وهم لا يريدون ذلك!
تذكرني مسيرة هؤلاء المديرين المزيفة، بذلك الإمام المزيف الذي كان يصلي بجماعته، بدون أن يحسن حتى تلاوة الفاتحة، ولكنه كان مناسبا لمن خلفه!
فصلى يوما معهم أحد الغرباء، وما أن بدأ الإمام في قراءة الفاتحة حتى أخذ هذا الغريب يصحح له الأخطاء المتتابعة!
هنا لم يتمالك الإمام أعصابه، والتفت إلى الغريب، وهو يقول: ما دامك ترى كل هؤلاء ساكتين! ليش ما تسكت مثلهم؟!
وأخيرا: هل من الممكن أن يستيقظ هؤلاء من غفلتهم ويخرجوا من تيههم؟!
والجواب: أن ذلك لن يتحقق إلا إذا ملكوا الإرادة، وقاموا باختيار فريقهم المناسب، ووضعوا الخطة الواقعية الهادفة للتطبيق، مع التقييم الصادق المستمر أولا بأول!
وإلا فسيظلون بمستنقعهم طويلا حتى يأتي من يخرجهم!