DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

القيادة والتطوير.. مصفوفة القناعة والممارسة

القيادة والتطوير.. مصفوفة القناعة والممارسة

القيادة والتطوير.. مصفوفة القناعة والممارسة
أخبار متعلقة
 
في أواخر القرن العشرين ومع انتشار مفهوم العولمة الناتج عن أسباب عديدة تعود بعضها لعوامل اقتصادية كتحرر التجارة الدولية وفك القيود عنها والتكامل بين الأسواق العالمية وزيادة التدفقات المالية والاستثمار الأجنبي بالإضافة إلى الثورة الهائلة في المعرفة والتقنية، ارتفعت وتيرة التنافسية وفرضت تلك الحقبة وحتى الآن على المنظمات تسارع الخطا في التطوير المستمر للأداء المؤسسي بهدف تحقيق الريادة وزيادة الحصة السوقية وتحقيق المكاسب العالية. ولو تأملنا تفاعل قيادات بعض المنظمات سواءً الربحية أو غير الربحية مع عمليات التطوير والتحسين نجدها متباينة ومتفاوتة تقع في أربع مناطق وفق ما أسميه مصفوفة القناعة والممارسة والتي بلا شك تؤثر إيجاباً أو سلباً على الأداء العام لتلك المنظمات. المنطقة الأولى وهي منطقة الوثب التي تتبنى فيها القيادة مفاهيم ومنهجيات التطوير وتؤمن بدورها الفاعل في التغيير وتعمل على نشر ثقافته وتلهم الموظفين لتبنيه والتعاطي معه. هذه القيادة لديها يقين أن «الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل»، لذا فهم يحولون الأقوال إلى أفعال والقناعة النظرية إلى ممارسة تطبيقية من خلال تنفيذ العديد من مبادرات التطوير والتحسين في المنظمة وتحفيز منسوبيهم للمشاركة فيها وتهيئة كافة مقومات نحاج تلك المبادرات من موارد وبيئة وغيرها، بل ويشاركون الموظفين في التنفيذ متمثلين القيادة بالقدوة والقيادة التشاركية. أما على صعيد المخرجات فإن المنظمة في هذه المنطقة غالباً تثب نحو تحقيق النتائج الجيدة وتنمو مكاسبها بشكل مطرد وتتوسع منتجاتها وخدماتها وتطول فترة تواجدها في المنافسة طالما عملت على توظيف عناصر الاستدامة وطبقت أفضل نماذج ومعايير التميز. المنطقة الثانية هي منطقة التذبذب وهنا نجد أن لدى القادة إيماناً بأهمية التغيير والحاجة الملحة لتطبيقه لمواكبة المتغيرات ومواجهة التحديات وتقوم بالتوجيه لبناء برامج ومشاريع لتطوير أداء المنظمة بل وتنتقل تلك المشاريع لحيز التطبيق الميداني إلا أنها تقتصر على مشاركة مديري الإدارات ورؤساء الأقسام فقط في عملية البناء والتخطيط دون أن يكون هناك أنشطة ممنهجة لنشر ثقافة التحسين بين العاملين في المنظمة وإشراكهم فيها مما ينتج عنه ضعف التبني والتفاعل معها الأمر الذي قد يؤدي ببعض هذه البرامج إلى قارعة الفشل وقد تكون النتائج النهائية متذبذبة بين الارتفاع المتوسط والهبوط. أما المنطقة الثالثة فهي منطقة التصدع والذي تخالف فيه أقوال القيادة ما تمارسه فعلياً، إذ إن هذا النوع يكثر تواجده في بعض المنظمات حيث نلاحظ هنا أن لدى القادة قناعةً بضرورة إحداث التغيير وتضع هذا المحور على أجندة الاجتماعات والخطابات العامة مع الموظفين إلا أن أولويات العمل لدى القادة من جهة أخرى تضع التحسين عملياً في أسفل سلم الترتيب وتغمرهم المهام اليومية وتتزاحم الواجبات الوظيفية التي قد تكون ناتجة عن قصور التخطيط والتفويض والإدارة أحياناً. وهذه المنطقة تتصدع فيها ثقة الموظفين بالقيادة ويخفت فيها حس المبادرة عدا من يوقدهم التحفيز الذاتي وتضعف فيها الدافعية نتيجة قصور دعم القيادة للممارسة الفعلية للتحسين وترجمة النظريات إلى تطبيقات مما يسهم في اتجاه النتائج العامة للمنظمة إلى منحنى هابط ويضعها قرب زاوية التهديد. المنطقة الرابعة والمظلمة وهي منطقة الخروج والتي انصرفت الأضواء عنها للتسليط على منظمات أخرى برزت بمنهجياتها الجديدة وأسلوبها المميز والمبتكر في إدارة الأعمال وتقديم الخدمات والمنتجات بطريقة إبداعية تواكب تطلعات المستفيدين والعملاء والاتجاهات العالمية. ونجد أن قيادة هذه المنظمات تعتقد أن الإنفاق على التطوير هدر للمال واهتمام الموظفين به صرف لهم عن أداء المهام الرئيسة المنوطة بهم ويعطل الأداء المؤسسي، لذا فهي لا تحفز على تقديم أو تنفيذ المبادرات النوعية مما يرفع درجة الخطر والتهديد إلى المربع الأحمر الذي قد يقذف بالمنظمة إلى خارج دائرة التنافسية وتضعف معه المخرجات والنتائج المحققة حتى وإن نجحت اليوم فلن تستمر طويلاً ولنا العبرة في شركات كبيرة أعلنت إفلاسها كنا نعدها من العمالقة. وما يؤمل بالتفاؤل أن هذه الشريحة من القادة بدأت بالتلاشي نظراً لزيادة الوعي ولجهود الدولة في دفع عجلة المؤسسات بكافة القطاعات نحو التغيير ووضع المستهدفات المستقبلية والمؤشرات الفنية للأداء وخاصةً في القطاع الحكومي. أخيراً أقول إن الله سبحانه أرشدنا إلى معادلة التغيير في القرآن الكريم وحري بنا أن نجعلها قاعدةً لنا حيث قال تعالى «إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً». ولو أسقطنا معاني هذه الآية الكريمة على التغيير والتطوير نجد أنها ركزت على الإيمان والقناعة كخطوة أولى وركيزة مهمة ثم يأتي بعدها ترجمة هذه القناعة إلى منهجية عمل متقنة وممارسة للوصول إلى النتائج المتميزة والمستهدفة.