قبل أسبوع من تتويج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان هناك حدث آخر من خلاله تمت مراقبة وتحليل ما يمكن أن ينتج عنه مسار السياسة الأمريكية في الأربع أو الثماني سنوات القادمة. الحدث كان في قرية «دافوس» السويسرية والتي عقد فيها المؤتمر السنوي للنخبة من حول العالم وسط أول حضور لرئيس صيني. وقد ألقى خطابا عرض فيه السياسة الصينية والتي كان واضحا منها أن الصين تراقب وبحذر ما يمكن أن يقدم عليه الرئيس الأمريكي الجديد. وكان في خطابه تركيز على العولمة والتي هي في الحقيقة المحرك الأول للنمو الاقتصادي للصين وسط تحول كبير في نمط الحياة للمجتمع الصيني. فمعروف أن الصين فتحت أبوابها بطريقة تسمح لها بالاستفادة بقدر لا يساوي استفادة الطرف الآخر. ولهذا جاء خطاب الرئيس الأمريكي أثناء حفل التتويج عكس ما كان يصبو إليه الساسة في الصين. فقد قام الرئيس الأمريكي من أول يوم بالحديث عن أهمية التركيزعلى الصناعة الأمريكية في الداخل الأمريكي في وقت تعتمد فيه الصين اعتمادا كبيرا على السوق الأمريكي. ورغم أن النمو الاقتصادي في الصين يعتبر من الأفضل في العالم، إلا أن الصين دولة لا تحتمل ركودا اقتصاديا طويل الأمد. وأيضا وفي الوقت الذي أوضح فيه الرئيس الصيني سياسته فيما يخص القوة العسكرية، فقد رأينا كيف أن خطاب الرئيس الأمريكي ذكر تصميمه على إعادة ما يسمى الهيمنة الأمريكية في وقت تجول فيه السفن الأمريكية على مسافة 12 ميلا بحريا من شواطئ الأراضي الصينية. ولهذا من المتوقع أن تنسحب الولايات المتحدة الأمريكية أو تقلل من مشاركتها في امور حيوية تهم اقتصاد الصين. ويرجح أكثر المحللين أن أكثر ما يزعج الصين هو أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتقارب أكبر مع روسيا، ولكن على حساب الهيمنة الصينية وسط توجهات تقوم من خلالها الصين بزيادة أبحاث الفضاء وصناعة الطائرات والتي من الصعب أن تستمر فيها وسط عزوف من السوق الأمريكية. ولهذا فمن الواضح أن الصين ستقوم بتغيير بعض إستراتيجياتها وسط تحديات كبيرة سيراها العالم، خاصة إذا لامس الرئيس دونالد ترامب العولمة التي من الممكن أن توقف النمو الصيني. نضيف على ذلك فالكثير أيضا لم يتوقع أن يقلل الرئيس الأمريكي الجديد من أهمية حلف «الناتو».