كلكم شاهد ذلك الفيديو الذي شاع على وسائل التواصل الاجتماعي وأوردته ثامنة داوود، عن الطفلة التي تبكي بكاء مرا من موقف المعلمة القاسية، التي تركتها وسط الفصل بدون (شهايد) وبدون قناع الفرح على وجهها. أي أنها استثنتها مما يحبه كل الأطفال وهو التشجيع والطبطبة والحنان. كثيرون، حين سمعوها في تلك المرافعة الصغيرة المؤلمة، بكوا لبكائها وتحسروا على وجود معلمة بكل هذه القسوة وبكل قلة العطف والرحمة. الجهة الوحيدة التي ربما اعتبرت الأمر عاديا ولا يستحق كل هذا التعاطف والبكاء من الناس هي وزارة التعليم التي لم تعلق، في حدود علمي، على الموضوع ببنت شفة، مع أنها يُفترض أن تكون أول المعلقين على الفيديو وأول من يخبرنا بأن تصرف المعلمة خاطئ جملة وتفصيلا وستتخذ التدابير اللازمة بحقها. وأنا أفترض أن تفعل الوزارة ذلك؛ لأنها تعلم - كما نعلم- أن المعلمة والطالبة الطفلة ليستا الوحيدتين في مثل هذا الموقف الغريب وغير الإنساني في مدارسنا. ما حدث هو تصرف يدخل في باب التعنيف الذي ترفضه قوانين الوزارة قبل غيرها ويرفضه الناس برمتهم؛ لأنه قد يؤدي - ببساطة- إلى أن تفقد هذه الطفلة ثقتها بنفسها وثقتها بمدرستها ومعلماتها وبالوزارة برمتها. وبالتالي نكون قد جنينا على حياة إنسانة بريئة كل ذنبها أنها وجدت في مكان ليس فيه للرحمة اعتبار، بقدر ما فيه من التسلط والاستقواء على من لا يملك قوة الدفاع عن نفسه أو يطالب بحقه. وهذا من أبشع التصرفات التي قد يرتكبها إنسان يعلم أن تسلطه أو سلطته مصدرها ضعف وقلة حيلة من تسلط عليه. بقي أن أقول إنه بعد كتابة هذه المقالة دافع كثيرون عن المعلمة وبرأوا ساحتها وبأنها على العكس لم تقصر مع هذه الطالبة بحدود ما تفرضه وظيفتها. وما بين حانا ومانا إذا كانت المعلمة بريئة فعلا فأنا أعتذر عما سبق.