DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

محمد الفيصل.. رحيل رائد المصرفية الإسلامية

محمد الفيصل.. رحيل رائد المصرفية الإسلامية

محمد الفيصل.. رحيل رائد المصرفية الإسلامية
أخبار متعلقة
 
كل أمر أصعب المراحل، وحين يتعلق الأمر بشيء مثير للجدل بطبيعته فالبداية تكون أصعب لا شك، لما يتخلله من آراء مختلفة، وبعض الآراء تكون من الحدة ما يجعل القطيعة أمرا حتميا. تغيير الواقع لم يكن سهلا في يوم من الأيام، وكثيرون يتجنبون خوض غمار تغيير الواقع للأفضل طلبا للسلامة من التجريح أو التقليل أو الرفض أو غير ذلك مما يتعرض له من يسعى للتغيير للأفضل. لم يكن هذا غائبا عن فكر الأمير محمد الفيصل حين بدأ مشواره بتقديم بديل مصرفي لا يتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية، ولكنه آثر الإقدام على الانطواء، وقدم وأقدم على أمر ظن الكثير أنه سيفشل فيه، ولكنه نجح وأصبحت الصيرفة الإسلامية واقعا في مشارق الأرض ومغاربها. التجربة لقيت قبولا قانونيا وتشريعيا من الأنظمة القضائية والبنوك المركزية في العالم كله، والمعايير المحاسبية تكيفت بما يقبل هذا التغيير دون أي ربكة، ولا أعلم عن مصرف دولي لا يقدم نافذة إسلامية لعملائه الذين يطلبون هذه الخدمة. وتطور الأمر وتقدمت المبادرات حتى أصبحنا نشاهد سندات مكيفة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية تعرف بالصكوك، وتم تقديم أنظمة تأمين تكافلية.مسيرة الأمير محمد الفيصل تخللتها صعاب لا شك، بلغت قمتها بعد أحداث الـ11 من سبتمبر الإرهابية حين اتهمت دار المال الإسلامي (التي أسسها الأمير بغرض المشاركة في المصارف الإسلامية حول العالم) بتمويل الإرهاب، واتهم الأمير شخصيا في تسهيل تدفق النقد وتمويل الإرهاب. الاتهامات كانت كيدية بغرض الإساءة لشخصه وللتجربة المصرفية الإسلامية برمتها، وبطبيعة الحال باءت كل محاولات إلصاق تمويل الإرهاب بالأمير بالفشل، فلم تكن تستند إلا على أحقاد وأكاذيب وتخرصات صهيونية عقيمة. الاتهامات ومحاولات إلصاق تمويل الإرهاب بالأمير محمد الفيصل رحمه الله وبغيره من الشخصيات السعودية تنم عن ازدواجية في المعايير الغربية. فالأحداث التي تلت 11 سبتمبر أتت لتؤكد أن تمويل الإرهاب بل وحتى تمويل تجارة المخدرات الدولية ليست إلا صنيعة المصارف الغربية والقائمين عليها. وكل هذا تم إثباته بالأدلة القطعية وبالاعترافات الكتابية دون أي مساس بشخص أحد من القائمين على هذه المصارف. بل إن رئيس مجلس إدارة اتش اس بي سي والذي في عهده انغمس البنك البريطاني المشبوه في تمويل وتهريب وتسهيل نقل أموال تجار المخدرات في المكسيك أصبح وزير التجارة الدولية في دولته وأعطي الحصانة من أي مساءلة قانونية بهذا الشأن أو غيره مما لم يظهر في الإعلام. أما الولايات المتحدة الأمريكية فاكتفت بالغرامات المليارية وإقرارات وتعهدات وتسويات وأنهت التحقيقات بحجة عدم إرباك النظام المالي العالمي. مصارف الغرب كلها اتهمت وأدينت بتمويل الإرهاب دون أن يمس فرد ولو باتهام، وأقصى ما تعرض له بعض القائمين على هذه المصارف الإجبار على الاستقالة. لم يدن مصرف إسلامي أو عربي واحد بتمويل الإرهاب أو أي شكل من أشكال الجريمة المنظمة. ولم يقدم دليل على أي شكل من أشكال تسهيل دعم الإرهاب، لم يقدم سوى تخرصات وادعاءات لم تصمد أمام المحاكم الغربية ذاتها، فكل الاتهامات سقطت ولم يبق الا الحرقة في قلب الكارهين لكل ما هو عربي ومسلم. الهجوم على المصارف الإسلامية قابله دفاع قوي من الأمير محمد الفيصل في كافة المحافل الدولية التي يتواجد بها، سواء كانت مؤتمرات اقتصادية أو تجمعات ثقافية، كما ولم يقم الأمير محمد بالدفاع عن شخصه في اي مؤتمر أو محفل اقتصادي، فالمسألة بالنسبة له لم تكن شخصية، كما كان الأمير محمد الفيصل يترفع عن الانزلاق الشخصي في هذا الأمر أو في غيره من الأمور الشخصية. رحل الأمير محمد الفيصل وبقيت أعماله وما قدمه للمسلمين من تجارب ثرية ومن أعمال وعلوم غنية في جوهرها، عظيمة بما أحدثته من تغيير. وللأمير مشاركات رائدة أيضا في مجال الدراسات الاقتصادية الإسلامية كنهج حياة ومجتمع، كما له مشاركات ومقترحات عديدة في مجال الزكاة الشرعية. وله مقترحات معروفة في حل أزمة المياه في بلادنا، ومجالات الزراعة وغيرها. كان محمد الفيصل بسيطا في حياته، متواضعا بطبيعته، صلبا في مواقفه، عميقا في فكره. رحل محمد الفيصل بن عبدالعزيز بصمت عالي الصوت، فقد كان قليل الكلام عظيم الفعل. رحل والله نسأل أن يجمعه بالمؤمنين يوم القيامة.