استفزني المقطع المصور والذي انتشر في كل وسائل التواصل الاجتماعي لأب يخنق طفله الرضيع كما استفزكم. فلم أتصور أنه يمكن لإنسان مهما كانت قواه العقلية أو ثقافته أو مستواه المعيشي، أن يعتدي بتلك الوحشية على طفل رضيع لا حول له ولا قوة، فكيف يمكن لي أو لغيري تصور أن يكون ذلك الوحش هو والد ذلك الرضيع!!. كلما مرت أمامي مشاهد الضرب واللطم والخنق التي كان يمارسها ذلك الوحش (الوضيع)، قفزت أمامي أرقام الاعتداءات والتعنيف ضد الأطفال في المملكة. تلك الأرقام التي تتصاعد من عام إلى عام. ولعل الدراسات التي نشرت عن تلك الجرائم أكبر دليل على أن هناك خللا كبيرا في حياتنا الاجتماعية. إحدى الدراسات تؤكد أن عدد حالات تعنيف الأطفال عام 2004 كان 37 حالة فقط، وفي العام الذي تلاه ارتفعت حالات الاعتداء والإيذاء إلى 296 حالة، أي ما يقارب عشرة أضعاف العام الذي سبقه، ثم تصاعدت الأرقام في السنوات التالية لتصل إلى 360 حالة عام 2013، بينها حالتا «وفاة» لطفلين. ولو استخدمنا نسبة الزيادة السنوية هذه كمعيار لاتضح لنا حجم المأساة التي تواجهنا. دراسة أخرى تؤكد أن 32% من ضحايا العنف هم أطفال دون الخامسة من العمر، و27% من 5 إلى 7 سنوات ونفس النسبة لأطفال ما بين 10 و15 سنة!!. هؤلاء تعرضوا للتعذيب إما بالضرب باليد أو بالسلك أو بالكي والحرق والعصا، وعلى أيدي الوالد أو زوجة الأب أو زوج الأم. هذه جرائم لها توابع مستقبلية خطيرة على الأطفال، وحمايتهم مسؤولية أخلاقية وإنسانية تقع على الأقارب، وكذلك على الجهات المعنية وخاصة القضاء الذي يملك سلطة تغليظ العقوبات بغض النظر عن صلة القرابة.
ولكم تحياتي