من سألني في 2014 لماذا خرجت من (اليوم) لم يتلق إجابة واضحة لأنني أنا نفسي لا أعرف سببا لذلك؛ وأنا شخص (تنئح) علي كرامتي جداً إلى درجة أنها، سامحها الله، ضيعت علي العديد من الفرص الذهبية والماسية. ومع ذلك، أي رغم الهدر الكبير لهذه الفرص، خلال ما يزيد على ثلاثين سنة، فإن كرامتي (لا تتعظ) ولا تتنازل قيد أنملة عما تربت عليه من الصرامة في أحاسيسها ومواقفها. المهم أنني في ذلك العام خرجت بكرامتي وأوضحت في بيان على تويتر أنني، رغم الخروج، حظيت بمساحة عظيمة من حيث سقف الطرح ومخاطبة قراء (اليوم) العزيزة بموضوعات قبلها من قبلها ورفضها من رفضها وكرهها من كرهها. لقد كانت الجريدة وقتذاك بحق على قدر توقعاتي ككاتب منها، من حيث سخونة الطرح ونبش ما هو مسكوت عنه من قضايا اجتماعية. وكنت أنا مخلصا صادقا في كل ما طرحته؛ لا أبحث عن مصلحة شخصية ولا أداهن ولا أستجدي رضا هذا الطرف أو ذاك على حساب قناعاتي. كان وما زال العهد بيني وبين الكتابة هو أن ما في قلبي على طرف قلمي أو (كيبوردي). وهذا ما فعلته حين كنت صحفيا صغيرا في صحيفة الرياض منتصف الثمانينيات، وحين كتبت زاويتي (نقطة في بحر) لأول مرة في صحيفة الاقتصادية تحت قيادة المعلم محمد التونسي. وفعلت نفس الشيء مع صحف أخرى من بينها صحيفة عكاظ التي فتحت لي بابها وقضيت فيها ثلاث سنوات سمان بعد خروجي في ضباب ذلك العام. الآن أرجع إلى (اليوم) التي لم يطل بي المقام بعيداً عنها، حيث تعودنا أنا وهي أن ننفصل لكننا لم نفكر أبداً بالطلاق البائن. وعلى أية حال فإن العصمة دائما بيدها. وهي، كما عهدتها، تحبني وتترفق بي وتعلم أنني أحبها. وسيبقى كل منا وفيا للآخر، وسأبقى أنا مخلصا لقرائها الذين أحترم حضورهم وذكاءهم ورقي ذائقتهم. وأنا وهم موعودون بصحيفة (غير) على يد رئيس تحريرها الجديد المتحمس جداً سليمان أبا حسين.