الأنظمة وضعت لتنظيم حياة الناس وهي من وضع البشر وإذا لم تكن كذلك وحاول الأغلبية اختراقها فان هذا يعني أنها غير واقعية وغير منطقية وخير مثال على ذلك النظام الذي لا يسمح للمواطن بالعمل خارج أوقات العمل الرسمي وهذه المادة في نظام الخدمة المدنية التي أرى أنها اخترقت منذ وضعها وتحايل الموظفون عليها بالإصرار بالعمل الخاص بأسماء أقاربه أو بالمواجهة المباشرة وتعريض أنفسهم للمساءلة القانونية، كما يحدث في عمل الأطباء ومن في حكمهم في المستشفيات والمستوصفات الخاصة، وغيرهم يعتقدون ان السماح للموظفين بالعمل في القطاع الخاص أو التجارة بشكل مباشر فيه نوع من تعارض أو تضارب المصالح من ناحية واخرون يرون ان ذلك سيرهق الموظف ويقلل من انتاجيته... إلخ من أدوات الوصاية عليه، ولكن في الحقيقة والواقع حدث عكس ذلك، فالناس التفوا على النظام وأصبحوا يعملون بالتجارة من وراء الستار وزاد التستر وأصبحت هناك مشاريع ومشتريات واختراقات وتضارب في المصالح فحدث أكثر مما توقعه أولئك المحافظون، بل خلقت مشاكل اجتماعية لا حصر لها عندما يسجل الموظف أو الموظفة عمله التجاري باسم أحد أقاربه ويطمع فيه ذلك القريب ويجحده وبذلك خلقنا من النظام مشاكل اجتماعية ونفسية ثانوية غير محسوبة، ومن يوم يتقاعد الموظف او يستقيل سبحان الله يتحول إلى رجل أعمال ويتضح ان لديه شركات ومؤسسات فمن أين أتت هذه الأشياء؟ أليس لأنه كان يعمل بالتجارة وسميت بأسماء أولاده أو زوجته أو ابن عمه وعندما زال المحظور من النظام عادت الأمور الى نصابها؟
اليوم نتحدث عن الشفافية والحكومة الراشدة ودور المواطن في التنمية ودور القطاع الخاص وتوطين الوظائف وتحسين المستوى المعيشي للمواطن ثم رؤية 2030 فكيف يتم ذلك؟ ألا ترون ان من حق المواطن العمل في التجارة أو بيع خبراته خارج أوقات العمل الرسمي وأمام أعين الملأ وبمعرفة الأجهزة الحكومية ومؤسسته الحكومية التي يعمل بها وان هذه الشفافية والحق في الحرية وتحسين الدخل سيقلل من تضارب المصالح وتحسين دخله ويجعله يواجه التضخم وارتفاعات أسعار الطاقة ويتحول الموضوع من الأمان الوظيفي الى الأمان الحياتي، وبالتالي سيكون هناك تحول من العمل الحكومي الى العمل الخاص أو الأهلي بسلاسة وبسرعة ولا يصبح هناك تكدس في الوظيفة الحكومية مما يجدد ويسرع في دوران الوظيفة الحكومية.
هناك حلول كثيرة لعمل موظف الخدمة المدنية في القطاع الخاص أو التجارة من خلال الاتفاقيات والإجراءات المباشرة ما بين المؤسسة الحكومية والقطاع الخاص الذي يريد ان يعمل به، أو ما بين الموظف والقطاع الخاص مع اشعار جهة عمله، أو من خلال أوقات عمل معينة في القطاع الحكومي وبأجر محدود أو بالساعات مقابل ساعات أو أيام في القطاع الحكومي خاصة أوقات العمل الرسمي أو من خلال الشراكة الاقتصادية أو المالية ما بين المؤسسة الخاصة أو الموظف وبين قطاعه الحكومي، وهذه شراكة استشارية ستحقق للقطاع الحكومي إيرادات ذاتية خارج نطاق ميزانية الدولة.
هذه بعض الحلول وهناك الكثير منها فأيهم أكثر منطقية وواقعية وعقلانية أن نمنع لمجرد المنع أو نكسب الكثير من الحلول ونحقق العديد من المصالح ونقلل من تضاربها؟