عندما نطلب من المواطن الذي بنى له بيتا بالاقتراض منذ ما يزيد على عشر سنين بترشيد الطاقة وبيته غير مرشد للطاقة لعدم وجود العزل الحراري واستخدام اضاءة وسخانات ومكيفات ذات استهلاك عالٍ، فإن ذلك يحتاج الى إعادة نظر، فمن أين يأتي بالفلوس لإعادة هيكلة البيت وتعديل كل هذه الأمور خاصة أن أغلبية محدودي الدخل أو ذوي الدخل المتوسط ممن يملكون بيوتا هي عبارة عن منح ما بين 700 الى 900 متر مربع وبنيت عليها فلل لأسرة ممتدة وليست أسرة نووية كما في الغرب.
أعتقد أنه يجب أن توجه بوصلة الترشيد باتجاه آخر وهو ترشيد الطاقة في الأجهزة الحكومية والوزارات التي أشبه بالقلاع والمساجد، وخاصة دورات مياهها التي لا تخدم سوى العمالة، فحتى اليوم لم نسمع بخطة أو توجيهات الى تلك الأماكن بضرورة إعادة هيكلة استهلاك الطاقة فيها والمياه، علما أن بعض الوزارات ذات المباني العملاقة قد تستهلك من الطاقة والمياه ما يوازي استهلاك حي بأكمله.
في عام 2013 ذكرت صحيفة الاقتصادية في عددها 7646 أن المساجد تستهلك 2.4 مليار واط من الكهرباء في الساعة، ويبلغ عدد المساجد في المملكة خلال عام 2013 نحو 60 ألف مسجد، تليها المستشفيات الحكومية وكانت الانارة العامة تستهلك في تلك السنة 2.9 مليار واط من الكهرباء في الساعة.
المؤسسات والمساجد والسيارات تستنزف وتستهلك من الطاقة بشكل غير معقول، وكل يوم يزيد ذلك الانفاق نتيجة للنمو ولم نشاهد حلولا أو مبادرات جادة وسريعة لكبح هذا الهدر، فهناك مدارس حكومية ومستأجرة لا تمت للترشيد بأي صلة، فلا يوجد بها مواد عازلة ولا اضاءات مرشدة للطاقة، وقس على ذلك بقية الدوائر الحكومية والمساجد والمنافع والمرافق العامة والشوارع والحدائق.. الخ.ماذا عن الثريات وأجهزة التكييف المركزية التي تستنزف طاقتنا في تلك المؤسسات؟ وماذا عن أنظمة التخزين والتبريد التي تعمل طوال السنة ولا تراعي لا ذروة ولا غير ذروة.. الخ اليوم الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وضعت مواصفات قياس للأجهزة الكهربائية مما يجعلها تعطي أعلى كفاءة وأفضل أداء وبأقل قدر ممكن من استهلاك الطاقة، ولكن بعد هذه السنوات وتأثيث البيوت هل المطلوب رمي الأجهزة التي اشتريناها بالسلف واحلال أجهزة من تلك ذات المواصفات المرشدة للطاقة أم ماذا؟ وهل السوق الآن مفتوحة ومتوفر بها تقنيات وبدائل الطاقة كالألواح الشمسية ذات التكلفة الرخيصة، وأجهزة توليد الطاقة بالرياح، كما هي موجودة في أغلب الدول بأسعار تنافسية ورخيصة بحيث يستطيع المواطن توفيرها وإحلالها مكان الطاقة التقليدية.
سوقنا اليوم وشركاتنا لا تنتج هذه التقنيات الا للمشاريع الكبيرة والعملاقة فهي موجهة ومستوردة لغير ذوي الدخل المحدود أو متوسطي الدخل.
أعتقد انه لا بد أن نوفر له البدائل المتعددة والمتنوعة والأدوات الرخيصة، وأن يطلب منه وبالتدرج وحسب إمكاناته المادية أن يعدل وضعه، وقبل كل هذا أعتقد من الأوليات أن نتوجه الى مظاهر الاسراف في المرافق العامة والمدارس والمساجد والمصانع.. الخ..