المملكة استثمرت في القوى البشرية الوطنية وأوفدت المبتعثين إلى كافة جامعات الكرة الأرضية خلال الخمسين سنة الماضية وكان آخرها برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، وأكيد أن هذه البرامج التأهيلية والتطويرية أنتجت كفاءات دولية وتفهم في دهاليز الثقافات الأخرى.
لا يختلف اثنان على ما تتعرض له المملكة من تحديات خارجية وضغوط سياسية واقتصادية الهدف منها في آخر المطاف الحصول على مصالح وتنازلات ومكاسب وتلك الممارسات الضاغطة يشكل الجانب الحقوقي الإنساني الجانب الأكبر ثم الإرهاب، وهذه الساحة الواسعة والضبابية من الآراء والتوجهات أصبحت سوقا لمن لا سوق له، فأي اتهام أو مواجهة أو استغلال لدول الشرق الأوسط وعلى رأسها الدول العربية ودول مجلس التعاون لا تخرج عن إطار حقوق الانسان والإرهاب فمرة تتهم دولة برعاية الإرهاب أو بدعم الإرهاب أو باحتضان الإرهاب.. واذا خلصنا من هذا الموال تم الانتقال إلى الملف الآخر وهو حقوق الانسان وحقوق الأقليات.. إلخ من القوائم التي ظاهرها الرحمة ولكن في باطنها الكثير من المصالح والضرب من تحت الحزام للحصول على المزيد من المكاسب.
ولكن لنتساءل من يقود هذه الحملات المنظمة ولصالح من؟ أعتقد اليوم أصبحنا أكثر وعيا وفهما لأبعاد هذه الأفعال وندرك أنها ذراع غير مباشرة للحكومات أو وسيلة من وسائل الضغط على الحكومات وابتزازها فتوجيه البوصلة نحو هذه الدولة أو تلك تحكمه الكثير من المعطيات السياسية الحكومية ولكن تنفيذها يتم بواسطة منظمات المجتمع المدني الحقوقية والإنسانية وبتبني من البرلمانات ومجالس النواب؛ لأن الأعراف والتقاليد الدبلوماسية قد لا تتوافق أو قد لا تسمح بتمرير أي هدف أو مصلحة بشكل مباشر فيتم اللجوء إلى القرارات والتقارير ذات العلاقة بالجانب الشعبوي وهي بذلك تصبح في حل من الصراحة أو التصريح الدبلوماسي المباشر وتعلق الجرس في رقبة الشعب.
أعتقد أن موضوع التحرك الشعبوي تكتب فيه الروايات والقصص والممارسات وسياسة المداخل والمخارج، ولكن ما يهمنا هنا أننا بالرغم من امكاناتنا الشعبية الا اننا مازلنا نواجه هذه التحديات بقناة واحدة وهي القناة الرسمية أو الدبلوماسية الرسمية.
اليوم بعد هذا الزخم المعرفي من الضغوط نحتاج وبشكل عاجل إلى تأسيس جمعيات مجتمع مدني تقوم بدور الدبلوماسية الشعبية أو الدبلوماسية غير الرسمية كونها الأداة الأكثر وصولاً للمجتمعات الأخرى والمنظمات غير الربحية كونها دبلوماسية تتمتع بالمرونة والبعد عن البروتوكولات الرسمية بالإضافة الى دورها الفعال في أحداث توازن وحفاظ وصيانة للعلاقات بين الدول والمجتمعات ولا يقتصر دورها على الجانب السياسي بل التفاعل والتواصل الثقافي والاقتصادي وحتى لا يختلط الامر على البعض فهذه الدبلوماسية ليست وظيفة سياسية بل هي وظيفة إدارية تطوعية وتمتد شعبيتها من مفهوم الإدارة الشعبية أو الإدارة الوطنية أو إدارة الشأن العام والمسئولية الوطنية.