كمشرف إعلامي لفعاليات بيت المعرفة الذي تقيمه لجنة السلامة المرورية في موقع (إثراء) التابع لشركة أرامكو السعودية، كانت فرصة لي وتجربة شخصية ان أكون على مقربة من الزوار والاستماع اليهم، والاستفادة من مداخلاتهم واقتراحاتهم ولقد شدني التفاعل الكبير من الجميع على فعاليات بيت المعرفة والتي جمعت بين الترفيه والتشويق والتوعية، خصوصا ما يسمى محاكاة الانقلاب (accident simulation)، وأيضا وجود فرقة «خواطر الظلام» كان أحد عوامل الجذب لمحبي هذا النوع من الترفيه، وكذلك كان لتواجد السيارات (الكلاسيكية) أهمية عند مَنْ يعشق اقتناء او مشاهدة السيارات القديمة، حيث كان هناك في الموقع ما يزيد على 70 سيارة قديمة، ويأتي الحرص على مشاركة السيارات الكلاسيكية في المعرض، لإيصال رسالة إلى الشباب، مفادها أن السيارة وسيلة لـ«النقل» وليس «القتل»، للإشارة إلى أن أصحاب تلك السيارات القديمة قد نجحوا في المحافظة عليها سليمة من الحوادث المرورية طيلة هذه السنوات، والهدف الأجمل كذلك أن يعي هذا الجيل أن أي سيارة حديثة من الممكن أن تبقى عمرا أطول إذا التزم قائدها بتعليمات السلامة المرورية، وحافظ عليها من الهلاك.
ولكي تكون رسالة الفعاليات قوية وليست فقط ترفيهية كان هناك برنامج الإقناع بربط حزام الأمانseatbelt convener، وأغلب ردود أفعال المشاركين في محاكاة الانقلاب من الجنسين كانت مطالبة بالمزيد من برامج المحاكاة في كل الفعاليات لما لها من أثر على عقول الشباب، كون الصورة الذهنية قد ارتسمت في العقل الباطن لكل مَنْ شارك في تجربة محاكاة الحادث وهذا بحد ذاته هدف ان ترسخ المعاناة وان كانت محاكاة وهذا ما نريد ان نراه او نسمعه من شبابنا.
السؤال، هل شبابنا بحاجة الى توعية، وهل مثل هذه الفعاليات التي تعقد بين فترة وأخرى كافية؟ الجواب الذي لا يختلف عليه اثنان (لا) وألف (لا)، إننا بحاجة ماسة للعمل كفريق عمل وأن «اليد الواحدة ما تصفق»، وبداية التصحيح تبدأ بالاعتراف بالإخفاق دون تحرج والعمل على تلافي الإخفاق وعلاجه، إدارات المرور مطالبة بالحزم والعزم، كذلك الأسر عليها ان تعيد حساباتها في التربية وان تسليم مَنْ لم يبلغ السن القانونية من أبنائهم سيارة كمكافأة لابد ان يقف ويصبح من الماضي، أيضا المدارس التي لا تحرص على زرع احترام النظام واحترام الآخرين داخل أسوار المدرسة عليها ان تعترف بالتقصير وعليه لابد من التصحيح ولا ننسى اننا قادمون نحو (2030) وهذا التاريخ عزيز علينا جميعا لأنه هدف لرؤية البلد.
ختاما نقول لمَنْ يتساءل لماذا، رغم كل ما تقوم به لجنة السلامة المرورية في المنطقة الشرقية، مازال عداد الوفيات مستمرا ومازال الدم ينزف على الطرقات، ما قاله أحد الأطباء بعد ان عمل المستحيل لإنقاذ المريض ولكن دون فائدة «العملية ناجحة لكن المريض مات!» لن أقوم بدور المحامي ولكن أرد على السؤال بسؤال، هل أعداد الوفيات في داخل المنطقة الشرقية أم خارجها؟
لكي تتحد الجهود وتعم الفائدة ويرتقي سلوك كل مَنْ يقود مركبة ليصبح قائدا وقائيا، نحن بحاجة ماسة لإيجاد لجنة سلامة مرورية في كل منطقة وبإذن الله ستتحول شوارعنا من حلبات إلى واحات تملأها الابتسامة والطمأنينة لأنه بصراحة الخارج من بيته مفقود والعائد بسلام مولود!.