لن تجد أحدا سواء كان صادقا أم كاذبا إلا ويعلن رفضه التكسب من العمل الحرام، ويبدي تحريمه لأموال البغاء والارتزاق من السرقة والربا وما هم في إطاره.
الكل يصدح بذلك ويعلنه، لكن ما بالنا نتجاهل بغاء من نوع آخر وسرقة وفق مفهوم مختلف.. وهي سرقة جهود الآخرين والتمتع بها ونيل كل الارتقاءات والمكاسب منها، فهناك من يطأ بقدمه رقاب الآخرين ويسير فوقهم لأجل مبتغاه، وغير ذلك يترك صاحب المجهود الأصلي في غياهب الجب وفق مفهوم «ان طالبنا «سفهناه»، وان شكا لغيرنا حاربناه ثم حاصرناه».
سرقة جهود الآخرين منتشرة وبكل أسف حتى أنها باتت عنوانا لكثيرين أوصلتهم الى مراتب لم يحلموا بها أبدا، ولذلك تورمت بعض مؤسساتنا من فراغ فكري وسوء إدارة من جراء ان من ارتقى الى سدة رئاستها لم يكن جديرا بذلك، وكان له ما كان من سرقة جهود وانتحال فكري.
من خلال تجربة إعلامية بلغت نحو ثلاثة عقود في العمل الإعلامي المهني والإداري أن مثل هؤلاء وحسب المثل المحلي «لا يحلل.. ولا يحرم» يفرش الأرض لك ورودا والمحيا ابتسامات ورضا وآخر الشهر مكافأة مالية، حتى يستخلص منك ذاكرتك وإدراكك وفكرك المتطور، ومن ثم لا يلوي على أن يقدمها باسمه، والأكيد أنه قبل ذلك سيعمل على ابعادك من المكان حتى لا تقارعه بما امتلكه عنوة.. ومثل هؤلاء لا يعملون وحدهم بل من خلال قوة مساندة في معظمها من المتكسبين البلهاء الذي يرجون رضا السارق المسؤول طمعا وتكسبا.. نستطيع أن نصفهم بأنهم ممن قدم نفسه للطاغوت وتكسبوا حراما من صمتهم ومساندة الظالم.
هنا وللتوضيح أكثر.. فليست الرسالة وما تحويه هذه السطور لتبيان أن كاتب هذه السطور أنه ممن سُرق جهده واستبيحت أفكاره.. بل إنه كان شاهدا على سرقات لمجهودات آخرين انتهى بهم «أي المسروقين» الأمر الى الخنوع والرضا بالقدر المحتوم.. وما أنا بصدده التأكيد على أن دوائر وهيئات ومؤسسات تعمل وكأنها مسرح عرائس تحركها أيد غير ظاهرة.. يقودها خبثاء استمرأوا الأمر واستخدموه حتى بلغوا مراتب كبرى.. ولكن القدير العزيز سرعان ما يكشف خواءهم الفكري وسوء دبرتهم حتى وإن استمروا فيما هم عليه من مرتبة.. واستمرارهم فلأن الورطة قد حلت واصلاحها صعب.. لذا فالصمت والتجاهل أفضل.. ولا حاجة لقرار يكشف سوء آلية الاختيار!.
الانتهازيون الوصوليون موجودون وبكثرة في مجتمع ترتكز مقاييسه على معايير مضطربة كثير منها لا يلوي على اختبارات وتحر دقيق على من نريده قائدا لعمل ما.. ولذا فلا بأس ان انكشف أمام الملأ بسوء ادارته وضعف فكره واضطراب شخصيته، ولا بأس إن اجمع كل أصحاب الاختصاص الذي ينتمي اليه على أنه كارثة يجب التخلص منها.. فهم لن يؤثروا بالأمر شيئا لأنه قد ثبت قدميه جيدا في المكان.. ولا عليه إن اهتز رأسه وارتعش بدنه قليلا!.
ختام القول.. الدعوة لتأمل واقعنا اليوم ونحن نعيش في خضم مرحلة انتقالية فكريا واقتصاديا يفرضها توجه قادة بلادنا وفقهم الله لمواكبة ما تستحق أن تكون عليه هذه البلاد من رقي وسؤدد واستقرار ورخاء مستقبلا.. والأكيد أن مثل ذلك يحتاج الى وضوح في العمل والتوجه والتي من أهم ركائزه رفض الأفاكين والمبادرة بكشفهم، ولا نركن فقط الى أن حجم المسؤولية والعمل سيكشفهم عاجلا أم آجلا!.